شهادة تخصّصية دوليّة في الشراء العام للمسؤولين اللبنانيين

أطلق معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي وجامعة روما تور فرغاتا الإيطالية برنامج شهادة تخصّصية دوليّة في الشراء العام الاستراتيجي لإعداد متخصصين في هذا المجال من القطاع العام اللبناني، وَصَفَه وزير المال الدكتور يوسف الخليل الذي رعى احتفال الإعلان عنه بممثلاً مدير المالية العام جورج معراوي بأنه “نقلة نوعية في تنمية القدرات الوطنية”.
وحضر احتفال إطلاق البرنامج الذي أقيم في المعهد، إضافة إلى معراوي وسفيرة إيطاليا لدى لبنان نيكوليتا بومباردييري ، نائب رئيس مجلس الوزراء الدكتور سعادة الشامي ووزير المهجرين عصام شرف الدين ومدير مكتب البنك الأوروبي للانشاء والتعمير خليل دنغزلي ونائبة رئيسة التعاون الدولي في الإتحاد الأوروبي أليسيا سكوارسيللا ورئيسة المجلس الأعلى للجمارك ريما مكي ومحافظ النبطية الدكتورة هدى الترك، وعدد من المديرات والمديرين العامين ورؤساء البلديات وممثلي الأجهزة الرقابية والأمنيّة والعسكريّة والمؤسسات الدولية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، إضافة إلى البروفيسور غوستافو بيغا مدير الماجستير الدولي في جامعة روما تور فرغاتا.
وشكر الوزير الخليل في كلمة ألقاها باسمه معراوي للحكومة الإيطالية ووزارة الخارجية والتعاون الدولي خصوصاً ممثلةً بالسفيرة “دعمها تنمية القدرات الوطنية في لبنان من خلال هذا المشروع الذي يأتي في وقت يعمل لبنان على تطبيق قانون الشراء العام الإصلاحي منذ عام 2022”.
وقال: “سعت حكومتنا وما تزال إلى تصحيح تداعيات الأزمة والسير بالإجراءات المطلوبة للتعافي والنهوض بالاقتصاد، وهذه الإجراءات ضمنّاها في موازنة 2024، بالإضافة إلى مشاريع قوانين إصلاحية تصُّب في استراتيجية الحكومة في النهوض الاقتصادي”.
وشدّد على أن “السير بهذه الإصلاحات يتطلّب وجود إدارات كفيّة وخبرات تقنية عالية يعمل عليها المعهد المالي لناحية تعزيز الخبرات والكفاية في الإدارة العامة، وعلى تأمين استمرارية عمل المؤسسات في هذه الظروف الصعبة”.
ورأى أن “التحدّي يكمن اليوم في الحفاظ على هذه الكوادر وعلى استمرارية عمل المؤسسات في ظلّ تدهور الوضع المالي والقلق من تدهور الوضع الأمني”.
وأوضح أن مشروع الشهادة التخصصية “يشهد على تعاون وثيق يربط مؤسسات الدولة بالمؤسسات الايطالية، وتحديداً جامعة روما تور فرغاتا المعروفة والتي تخرّج منها منذ العام 2013 أكثر من 25 موظفاً وموظفة في الماجستير الدولي في إدارة الشراء العام، سهّل المعهد مشاركتهم بها حرصاً منه على رفد الإدارة اللبنانية بالمهارات العالية والخبرات”.
وأضاف: “يندرج مشروع الشهادة التخصصية الدولية في الشراء العام الاستراتيجي في إطار عملنا لتعزيز القدرات في الشراء العام وهو في صلب الإستراتيجيّة الوطنيّة التي اقرّتها حكومتنا في العام 2022، والذي نتابع تنفيذه في اللجنة الوزارية المؤلفة لهذا الغرض، وهذه الشهادة التخصصية هي نقلة نوعية في تنمية القدرات الوطنية، تتوج عملنا بالتعاون مع شركائنا المحليين الدوليين للارتقاء بأداء المسؤولين الحكوميين، مستفيدين من الخبرات الدولية والممارسات الجيدة وتكييفها مع السياق اللبناني”.
واعتبر أن “نجاح هذا المشروع واستدامة نتائجه يعتمدان إلى حدّ كبير على الدعم والتعاون الفاعل من قبل الشركاء، وعلى تجاوب الوزارات والمؤسسات العامة والبلديات”، داعياً “جميع المؤهلين للاشتراك في هذا البرنامج التخصصي”.

بومباردييري
وأشادت السفيرة بومباردييري بسمعة معهد باسل فليحان كـ”مؤسسة موثوق بها”، مذّكرةً بدوره “الفاعل في تسليط الضوء على قانون الشراء العام الجديد في لبنان (…) الذي يرقى إلى مستوى المعايير العالمية الحديثة”، وفي “تدريب المسؤولين على تطبيقه”. وأشارت إلى أن جامعة تور فرغاتا “من المؤسسات الأكاديمية الأكثر شهرة على مستوى العالم في مجال الشراء العام”.
وشدّدت على أن “الشراء العام يترجم في الحياة الاقتصادية مبدأ سيادة القانون، وهو حجر الزاوية لاقتصاد مفتوح وتنافسي يركّز على التنمية”، منبّهةً إلى أن “عمليات الشراء العام غير السليمة تساهم في تعزيز الفساد، وتحول دون النمو، وتقتل الابتكار والإنتاجية، وتبعد المستثمرين والمانحين الدوليين”.
وأوضحت أن مشروع الشهادة التخصصية “يهدف من خلال التدريب وبناء القدرات إلى إيجاد ثقافة شراء عام، تساهم في الحفاظ على روح قانون الشراء العام الذي أقرّ عام 2021، وضمان تنفيذه بالكامل”.
وأكدت أن إيطاليا “ملتزمة العمل مع المؤسسات اللبنانية من أجل تنمية هذا البلد (…) من خلال المزيد من التركيز على القطاعات التي يمكن التعويل فيها على الإرادة السياسية لإقرار الإصلاحات الوطنية ثم تنفيذها”. وأضافت: “في هذه الحالات، سنكون على استعداد لتقديم المساعدة وبناء القدرات”.

بساط
وشددت بساط في كلمتها على أن “الرهان اليوم، أكثر من أي وقت مضى، هو على المؤسسات، وإعادة الاعتبار لدورها وقدراتها لأنها الوحيدة المؤتمنة على الدولة والخدمة العامة”. وأضافت: “اجتماعنا اليوم هو برهان أن المؤسسات ما زالت موجودة، تعمل وتخطط، وأنّ الشركاء الدوليين مستعدون لتوفير المساندة والدعم طالما الإرادة في الإصلاح والتقدّم موجودة”.
وتوجهت إلى نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المهجّرين ومدير الماليّة العام متمنية عليهم “حضّ مجلس الوزراء على معالجة مشكلة تدهور قيمة رواتب موظفي القطاع العام، ورفض تعميم الفوضى، وضرب مبدأ الشمولية بين الموظفين، إذ أصبحت الرواتب تتفاوت وفقاً للوزارة التي يعملون فيها لا بحسب رتبتهم الإدارية او طبيعتها”.
وأعربت عن ثقتها بأن “الدكتور سعادة الشامي والدكتور يوسف الخليل من الذين لا يرتضون معالجة مسألة حجم الدولة من منطق محاسبي بحت، وهم لا يقبلون تحويل الموظف إلى مياوم يعمل في أكثر من وظيفة في الوقت ذاته ليحافظ على كرامته ونزاهته، في وقت يمكن العمل على تعديل الأجور من خلال سياسة واضحة شفافة حديثة تشمل كلّ مصادر الأجر وترتّب بشكل واضح وشفاف هذه السلسلة المظلمة الظالمة التي لم يعد أحد يفقه منها شيئا وتسبب كارثة حقيقيّة للدولة وللمواطن”.
وذكّرت بأن “إيطاليا هي أول من ساند المعهد عام 2010 في سعيه لتعزيز القدرات في الشراء العام من خلال مكتب التعاون الإيطالي”، مشيرة إلى أن التعاون “لمدة أربع سنوات مع المؤسسات والخبرات الإيطالية” أثمر إجراء “مسح للقدرات البشرية في الشراء العام، وتحديد الحاجات التدريبية، ووضع ملامح أول خطة لتنمية القدرات”، و”تطوير وإطلاق أول شهادة تخصصية في الشراء العام في لبنان وتوفيرها لــ 150 من العاملين في الدولة، بالتعاون مع معهد التوريد والمشتريات في بريطانيا CIPS ذات الصيت الدولي الشائع”. وأضافت: “أطلقنا الحوار العلمي حول الخيارات السياساتية في الشراء العام من خلال اعداد تقارير متخصصة وأوراق سياسات، ووطّدنا علاقات التعاون مع الشركاء الدوليين الإقليميين والدوليين (…) وشاركنا بفاعلية في الشبكات المعرفية المتخصصة في الشراء العام في المنطقة العربية”.
وشكرت للحكومة الايطالية “هذا الاستثمار الجيّد والمثمر الذي أتاح حينها للمعهد وضع أوّل مدماك لانطلاق المسار الإصلاحي للشراء العام، بدءاً بالمؤتمر الوطني الأول عام 2018، تلاه المسح الدولي MAPS الذي مكّن لبنان من بناء المسار الاصلاحي على معطيات وتوصيات علمية بمشاركة كل المعنيين، ثم إقرار قانون الشراء العام” الذي وصفته بأنه “أول قانون عصري وموحّد يتماشى مع المتطلبات الدولية ويعالج الثغر في منظومة الشراء لتكون أكثر فاعلية ونزاهة وشفافية وتنسجم مع الأهداف السياساتية والاصلاحية للمالية العامة”. وأفادت بأن “هذا المسار استُكمل بإقرار الحكومة لاستراتيجية وطنية للإصلاح وخطة عمل تنفيذية 2022-24 وبلورة استراتيجية بناء القدرات تأخذ في الاعتبار ضرورات حسن تنفيذ القانون الجديد ووضع رؤية مستقبلية للتخصص على كل المستويات”.
وأشارت إلى أن وزارة المالية من خلال المعهد، مكلّفة قانوناً بالتدريب الالزامي والمستمر على الشراء العام، نفّذ عدداً “من مبادرات تنمية القدرات، بدءاً بالتدريب الالزامي والتعريف بالقانون الذي طال أكثر من 2800 مستفيد حتى اليوم (51% منهم من العاملين في الوزارات والمؤسسات العامة والشركات المملوكة من الدولة، و26% من الأجهزة العسكرية والأمنية، و23% من البلديات واتحاداتها)، وصولاً إلى تطوير أربعة برامج تدريبية متخصصة في الشراء كمرحلة أولى تشمل التخطيط وإجراءات الشراء وإدارة العقود، والاتفاق الإطاري، على أن تُستكمل الجهود بعد صدور تقرير الحاجات التدريبية الذي عدّه حالياً والذي سيوفّر لنا صورة أوضح للأولويات الوطنية”.
واعتبرت أن “التعاون مع إيطاليا لتطوير وتوفير الشهادة التخصصية في الشراء العام خطوة ذات أهمية بارزة (…) تليها خطوات في الاتجاه نفسه”. ورأت أن “تجربة التعاون هذه تدلّ على استمرار التزام الحكومة الإيطالية بدعم مؤسسات الدولة (…) من جهة، وعلى الاصرار على التعاون المؤسسي بين المؤسسات اللبنانية والإيطالية”.
ووصفت مشروع الشهادة التخصصيّة في الشراء العام الاستراتيجي بأنه “بمثابة تجديد لعلاقة التعاون المستمرة والثقة بين المعهد وجامعة تور فرغاتا، إذ سهّل المعهد مشاركة 25 من المسؤولين والعاملين في القطاع العام على مدى عشر سنوات في برنامج الماجستير الدولي في الشراء العام الذي توفره الجامعة”.
وأوضحت أن “الشهادة التخصصية تأتي لاستكمال الجهود ورفع مستوى الاحترافية والتخصص ، بحيث ترتكز على الإطار القانوني اللبناني وتضيء على المعايير والأصول والممارسات الدولية المعتمدة في الشراء، وستكون بإدارة خبراء دوليين مشهود لهم بخبراتهم”، داعية “الوزارات والمؤسسات العامة والبلديات واتحاداتها كافة، وكل الجهات المعنية، الاطلاع على شروط المشاركة في البرنامج وتشجيع الموظفين لديها على التقدّم بطلب المشاركة ضمن المهلة المحددة”.

بيغا
وقدّم مدير البرنامج في جامعة روما تور فرغاتا البروفيسور غوستافو بيغا شرحاً عن مضمونه وأهميته. وأدلى مسؤولان لبنانيان سبق أن شاركا فيه بشهادتين تحدثا فيها عمّا وفّره لهما في عملهما.
وأوضح المعهد في بيان أن الشهادة تتألف من خمسة محاور يقدّم كلاًّ منها أستاذ دولي في الشراء العام، مشيراً إلى أن المشاركين فيه يكتسبون خلال دراستهم معرفة متعمّقة ومهارات عمليّة في إدارة عمليات الشراء العام والإشراف عليها بكفاءة، وفق الممارسات الحديثة المتّبعة عالمياً، وأعلى معايير الشفافية والمساءلة، لما لذلك من أهمية وأثر في تحسين فاعلية الإنفاق العام وتحقيق عمليات شراء تُشكّل أحد أهم ركائز الحَوكمة المالية وأساساً لتحقيق الانتظام المالي، تماشياً مع دخول القانون رقم 244/2021 حيّز التنفيذ عام 2022، وما يتطلبه من تطوير قدرات المولجين بمهام الشراء في الدولة.

تعليقات الفيسبوك

اضف تعليق