سوريا تُعلن جهوزيّتها لمدّ لبنان بالأدوية

أبدى وزير الصحة السوريّ حسن الغباش استعداد بلاده لـ إمداد لبنان باحتياجاته من الأصناف الدوائية التي تنتج في سوريا.

وأوضح الغباش في رسالة الى نظيره اللبنانيّ في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، أن هذه الجهوزية تأتي «في ضوء حاجة لبنان إلى العديد من الأصناف الدوائية والمستلزمات الطبية، في وقت أن الدواء السوري يتمتع بميزة نسبية على مستوى الجودة والسعر».

في غضون ذلك، أوضح بيان صادر عن وزارة الصحة العامة اللبنانية أن «استيراد أي دواء يسلك المسار الإداري والتقني وفق المعايير والقوانين المرعية الإجراء».

ولفت الى أنّ «مبادرة وزارة الصحة السورية جاءت بعد اتصالات قام بها حسن مع الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني السوري نصري خوري من ضمن سلسلة من الاتصالات والزيارات الخارجية لحلحلة أزمة الدواء».

في سياقٍ مُتّصل، اختتم وزيرا الصناعة والزراعة زيارة استمرت خمسة أيام لروسيا، كانا قد واكبا خلالها المراحل النهائية لإبرام العقد النهائي بين صندوق الاستثمار الروسي وشركة أروان للصناعات الدوائية – لبنان لإنتاج وجبات تجارية من لقاحَي Sputnik V وSputnik Lite.

ومن جانب اخر، لم يخطر في بال المغتربين اللبنانيين أن تتحول حقائب عودتهم إلى لبنان زائرين، حقائب أسعافات أولية: مسكنات، أدوية لمعالجة أمراض الضغط والسكري والقلب، وحتى أدوية أعصاب. وهي عادة ما كانت تمتلئ بالعطور والملابس، هدايا متعة وفرح لأهلهم وأصدقائهم في لبنان.

بدلت الأزمة الاقتصادية، وشح الأدوية في لبنان كثرة من العادات المفاهيم، بعد انهيار قيمة العملة اللبنانية وعدم تمكن العائلات من شراء احتياجاتها الأساسية. وحتى لو توفرت الأموال، فالأدوية مفقودة في الصيدليات.

أدوية مسكنات
هنادي فريج، معلمة لغة إنكليزية في إحدى المدارس الخليجية (دبي)، وهي تستعد نهاية الأسبوع لزيارة أهلها في لبنان. وتوكد أن الأدوية واحتياجات عائلتها الأساسية تتصدر قائمة محتويات حقيبة سفرها. وتقول لـ”المدن”: “عادة كنت أجهز حقيبة هدايا لأخواتي وأولادهم، تتضمن الكثير من الألبسة والألعاب والسكاكر. لكن هذا العام ملأتُ حقيبة الهدايا بعلب حليب، فأكبر أولاد أخواتي لم يتجاوز السادسة من عمره”.

ليست فريج حالة استثنائية. فنغم طالبة دراسات عليا في العاصمة الفرنسية، وزارت أهلها مؤخراً، وملأت حقيبتها بالأدوية. وتقول: “لم يكن الأمر سهلاً. فالحصول على أي دواء في الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى وصفة طبية، باستثناء المسكنات”. ورغم السماح لها بشراء المسكنات، لم تتمكن من شراء كميات كبيرة. لكنها نجحت في تأمين مئة صنف، بمساعدة صديقاتها في الجامعة، فهم تضامنوا معها ومع  اللبنانيين، حسب قولها.

وتأسفت نغم لهذا الواقع الذي يعيشه أهلها في لبنان، قائلة: “بدلاً من العطور وسواها من الهدايا لوالدي ووالدتي، امتلأت حقيبتي بأصناف مختلفة من المسكنات والأسبرين، التي اعتاد أهلي على تناولها يومياً تقريباً”.

صفحات التواصل الاجتماعي
وتنطلق مبادرات ملء حقائب المهاجرين اللبنانيين بالأدوية والأحتياجات الأساسية على نحو شخصي، بطريقتين: الأولى من خلال صفحات الجاليات اللبنانية، أو صفحة 5edne Ma3ak المجانية لمساعدة اللبنانيين في إرسال واستلام الحاجات الخاصة والمستندات من بلدان الاغتراب إلى لبنان وبالعكس. ومن خلال هذه الصفحة يتواصل اللبنانيون المغتربون بوطنهم الأم لإيصال الأدوية المطلوبة. فإما يعرض المغترب العائد قائمة بأبرز الأدوية التي يمكنه حملها لتوزيع في لبنان. وإما يدون أي مواطن لبناني على الصفحة ما يحتاجه من أدوية، طالباً العون والمساعدة من أي قادم إلى لبنان.

هذه الألية باتت الأكثر حضوراً في الفترة الأخيرة. فشبكات الدعم المحلية في لبنان أو المؤسسات الاجتماعية لم تعد موضع ثقة لدى المواطنين، حسبما يؤكد أحد المغتربين القادمين إلى لبنان. ويروي جوزيف نعمة لـ “المدن”، وهو وصل إلى لبنان منذ ثلاثة أيام قادماً من إحدى دول الخليج، أنه حمل لوالدته حقيبة مليئة بالأدوية الأساسية والفيتامينات ولعلاج ترقق العظام، مؤكداً أنه اشترى ما يكفيها لمدة 6 أشهر، قبل أن يعود إلى لبنان مجدداً في عطلة الشتاء. وهو لا يتحمل أن يبصر علامات القهر على وجه والدته، فيما هي تبحث عن هذه الأقراص في الصيدليات. وأطلق نعمة قبل أشهر مبادرة لجمع الأدوية التي لا يحتاجها أصدقائه ومعارفه لترسل إلى لبنان. وتمكن في مدة قصيرة من جمع مايقارب 5000 دواء بعد انتشار مبادرته، وهو يستعد إلى شحنها إلى لبنان.

ويقول نعمة إن الأدوية ستودع في صيدليات يثق بأصحابها كي توزع مجاناً على طالبيها. وهو يسعى بمساعدة شقيقه إلى إطلاق حملة في بيروت لتوزيع الأدوية على المرضى.

ومبادرة نعمة ليست الأولى. فقد تمكن أحد الشبان المغتربين من جمع 11 الف علبه دواء متنوعة، من المسكنات وأدوية الحساسية والربو، إضافة إلى أدوية الالتهابات، وأخرى لمعالجة الأمراض المزمنة. وحسب منشور له على صفحة  5edne   ma3ak  تمكن من شحن 8000 علبة دواء.

تعقيدات أم تسهيلات؟
لا يستطيع أي شخص شراء الكثير من الأدوية في دول الخليج، من دون وصفات طبية. فالأدوية تحتاج لمراجعة شركات التأمين والحصول على موافقة مسبقة. وهذا ما حدّ عملياً من شحن الكثير من الأدوية التي يحتاجها اللبنانيون، حسب علياء حمود (تقيم في قطر). وتقول إنها جالت على العديد من الصيدليات لشراء أدوية الضغط والسكري، لإرسالها إلى عائلتها وعائلة زوجها. وتضيف أن والدتها أضطرت للبحث عن دواء الضغط مدة أسبوعين، حتى تمكنت من إيجاده. وهذا مادفع حمود تحديداً، لاختيار هذين الصنفين من الأدوية.

والخوف من نقص الادوية  وفقدانها يدفعان كثرة من المغتربين إلى شراء ما تيسر من الأدوية. لكن الأمر لم يكن سهلاً حسب حمود، التي شعرت بالقلق من إمكان سؤالها في المطار عن سبب شرائها هذه الكميات من الأدوية. ولكنها لمست تسامحاً من القيمين في المطارات الخليجية، فهم لم يدققوا في نوعية الأدوية ولا سألوها عن الوصفات الطبية، بعدما أخبرتهم أنها تنقلها إلى اللبنانيين. ولمست حمود أيضاً تساهلاً من شركات الطيران التي تغاضت في كثير من الأحيان عن الحمولة الزائدة، لدعم اللبنانيين ومساعدتهم.

أدوات طبية
وفيما يحاول المغتربون مساعدة المقيمين بالأدوية، وجدت سالي حطيط (مقيمة في أبوظبي) طريقة أخرى لمساعدة قريتها. وتقول إن مستوصفات في لبنان تعاني من نقص شديد في الأدوات الطبية الأساسية والأدوية الخاصة بالنزيف أو الحروق. وهذا ما دفعها إلى حمل حقيبة تتضمن مستلزمات أسعافات أولية قدمتها لمستوصفات في قريتها فور عودتها إلى لبنان.

قصص كثيرة تحملها . وقد يكون أكثرها وجعاً النقص الشديد للأدوات الطبية التي يحتاجها كبار السن، مثل بطاريات تشغل أجهزة السمع، المفقودة منذ أكثر من شهرين بعد توقف استيرادها. وأكدت حطيط أنها خصصت شطراً من حقيبتها لبطاريات أجهزة السمع، بعدما فقد والدها السمع لأيام، بسبب فقدان هذه البطاريات.

تعليقات الفيسبوك

اضف تعليق