اقتراب الإنتاج التجاري لـ لقاح سبوتنيك اللبناني
يُعلّق المشرفون على مسار تصنيع لقاح سبوتنيك الروسي في لبنان، آمالًا على الوقت. فهو الكفيل في حسم الأمور، مهما أخّرتها العراقيل الذاتية والخارجية.
والتصنيع الذي يحتضنه “مصنع أروان للصناعات الدوائية”، يسلك مساره نحو إتمام جميع الشروط الإدارية والتقنية المطلوبة. ومن خطوة إلى خطوة، يصبح التصنيع التجاري أقرب إلى التنفيذ. وآخر الجرعات الإيجابية التي تلقّتها عملية التصنيع، هي موافقة وزير الصحة حمد حسن على استيراد المواد الأولية المطلوبة “لانتاج ثلاث وجبات تجريبية لكل من جرعتي لقاح “سبوتنيك في” Sputnik V.
وتلقّي شركة أروان لهذه الموافقة، يعني أنها أمام امتحان ذاتي “لتأكيد تلبيتها الشروط التقنية والصحية حسب المواصفات الدقيقة المطلوبة من الشركة الأم (صندوق الإستثمار الروسي). وحسب ما أكّدته وزارة الصحة اللبنانية، فإنه “على ضوء النتائج سيصبح مصنع أروان اللبناني مؤهلًا لإنتاج وجبات اللقاح التجارية”.
ببطء لكن بنجاح
لا يستعجل القيّمون على التصنيع حرق المراحل، رغم أهمية السرعة للوصول إلى نتائج تتيح الانتاج التجاري، والبدء بتأمين اللقاح في السوق اللبناني. فبالنسبة إلى مصادر مواكبة لعملية التصنيع، فإن اجتياز الاختبارات والعقبات هو الأساس، وإن تأخرت العملية بعض الوقت. خاصة وأن استعمال اللقاح ليس مرتبطًا بفترة زمنية محددة قد تسبق الانتاج في لبنان، بل إن لقاحات فيروس كورونا، على اختلافها، ستبقى حاجة ضرورية ودورية، ذلك ان الفيروس لن يختفي نهائيًا من الوجود، على غرار فيروس الانفلوانزا الذي بقي وتظهر منه متحوّرات كثيرة”.
وتضيف المصادر أن “الخطوة الايجابية التي تمثّلت بإعطاء وزارة الصحة موافقتها على انتاج 3 وجبات تجريبية، تؤكّد أن عملية الانتاج في لبنان تسير وفق ما هو مخطط لها”. وتوضح أن ما سيُنتَج بعد استيراد المواد الأولية “ليس مخصصًا للتلقيح، ولا يمكن إعطاؤه للمواطنين، بل هو خطوة أولى نحو إصدار المنتج النهائي الذي سيُطرَح في السوق”.
بالتوازي، فإن فريقًا من المتخصصين “سيزورون موسكو خلال أيام للخضوع لدورة تدريبية على الانتاج وما يترافق مع العملية من متطلّبات ومهام”. وهذه الدورة ستزيد من فرص النجاح الذي بات يظهر في الأفق القريب “طالما أن الوزارة أعطت موافقتها”.
صناعة لبنانية
نظريًا، تشبه الآلية التي سيتم انتاج اللقاح الروسي وفقها في لبنان، آلية تجميع القطع في القطاع الصناعي الذي يستورد القطع والمواد الأولية من الخارج ويجمعها في لبنان، وتُنسَب الصناعة للبنان. لكن الفارق بين انتاج اللقاح وأي صناعة أخرى سواء كانت إنتاجًا كاملًا أو جزئيًا أو تجميع القطع، يبقى في مدى الانعكاس الخطير الذي يمكن لأي لقاح أن يتركه على المرضى. وبالتالي، لا تنحصر مسألة الخطأ في إتلاف السلعة المنتَجة، فالخطأ في التصنيع تعني كارثة صحية وإنسانية، وهذا ما يجعل الدقّة أمرًا لا مفرّ منه في عملية التصنيع.
فرصة أخيرة
تصنيع اللقاح في لبنان قد يحفّز المستثمرين على إعطاء فرصة أخيرة لـ لبنان لاستئناف نشاطاتهم التجارية فيه. ومع أن قرارًا مماثلًا لا يؤخَذ على عجل، بل في أروقة مكاتب بعض زعماء العالم وبتأثير محلّي، فإن القيّمين على صناعة العملية يأملون في أن يكون لبدء بالانتاج ربحًا معنويًا قبل الربح المادي. علمًا أن انتاج اللقاح محليًا سيخفّض سعره النهائي ويجعل اللبنانيين أكثر قدرة على شرائه كأفراد، ويجعل الاقتصاد العام يكسب مردودًا إضافيًا يصل إلى “حدود 600 مليون دولار”، على حد تعبير رئيس مجلس إدارة شركة أروان عبد الرزاق يوسف عبد الله، الذي أوضح في وقت سابق بأن التصنيع المحلي “سيجعل سعره أقل بنسبة تتراوح بين 15 و30 بالمئة من المستورد الذي يبلغ سعره 38 دولار”. لكن كل ذلك لا ينفي الحاجة لدعم الدولة، اذ يرى عبد الله أن “هذه الصناعة تحتاج إلى دعم حكومي بنحو 20 مليون دولار”.
حاجة ملحّة
البدء بالتصنيع التجاري وتزويد السوق به، ما زال بعيدًا نسبيًا لكن يقترب رويدًا، فيما يتم تلقيح غالبية اللبنانيين بلقاحيّ فايزر وأسترازينيكا. على أن الانتشار الواسع لهذين اللقاحين، لا ينفي الحاجة لأي لقاح آخر طالما أن المواجهة مع فيروس كورونا مستمرة، والمواجهة مع الأزمة الاقتصادية في أوجها، ما يجعل الحاجة ملحّة لأي تقدّم على مستوى القطاع الصناعي في مختلف جوانبه.
تعليقات الفيسبوك