توقف الملاحة فـي قناة السويس أبطئ النقل البحري العالمي
كشف خبراء ومسؤولون عن الأهمية والجدوى الاقتصادية لقناة السويس بالنسبة لحركة التجارة العالمية، في غداة واقعة جنوح الحاوية البنمية العملاقة “إيفر غيفن” بالقناة منذ الثلاثاء الماضي.
ولا تزال القاطرات تواصل أعمالها لتعويم سفينة الحاويات “إيفرغيفن”، التي جنحت الثلاثاء في قناة السويس، بالتزامن مع تقارير تتحدث عن إمكانية تحرير السفينة التي تسد القناة يوم الأحد أو الاثنين المقبلين، عندما يصل المد إلى ذروته.
وقال رئيس الهيئة، الفريق أسامة ربيع، إن الهيئة دفعت بـ8 قاطرات منذ الإبلاغ عن حادث جنوح السفينة منذ الثامنة والنصف من صباح الثلاثاء، في محاولة لتحريكها، لكن “هناك صعوبات تواجهنا في ذلك نظرا لضخامتها وحدوث الجنوح الكبير لها”.
وأكد الخبراء أن الحادث الأخير جدد التأكيد على أهمية ومكانة قناة السويس المصرية في التجارة العالمية، رغم محاولات التأثير على هذا الدور خلال السنوات الماضية و”رب ضارة نافعة” بالنسبة للقناة.
وصعدت أسعار النفط العالمية بنسبة 2.45% خلال تعاملات الأربعاء، مع تعطل حركة الملاحة في قناة السويس، بحسب وكالة بلومبرغ.
وقال عميد كلية النقل البحري بالأكاديمية العربية للعلوم، محي السايح، في تصريحات صحفية، إنَّ كل من يهتم ويتعامل مع التجارة الدولية سواءً كان أفراد أو شركات أو دول، وكذلك من يتعاملون في قطاعي الاستيراد والتصدير ونقل البضائع، يعلمون تماما أهمية قناة السويس كممر ملاحي عالمي لا غنى عنه، وخصوصا فيما يتعلق بالبضائع التي يمثل الوقت عنصرًا مهمًا لها.
وأضاف السايح أنه من المعروف أن معظم مراكز الإنتاج على مستوى العالم موجودة حاليا في منطقة الشرق الأقصى بدول عدّة من بينها اليابان والصين وإندونسيا وماليزيا، أما مراكز التوزيع والاستهلاك فموجودة في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وأميركا، ومن ثمَّ فقناة السويس كممر ملاحي هيّ همزة الوصل بين مراكز الإنتاج ومراكز الاستهلاك.
وبحسب السايح، فإن قناة السويس توفر بين 8 إلى 11 يوما أمام السفن المارة من الشرق الأقصى إلى أوروبا، بالمقارنة بما ستسغرقه إذا ما أخذت الخط الملاحي التقليدي المار بطريق رأس الرجاء الصالح.
وقال إن 10% من بضائع العالم التي يتم توزيعها في أوروبا وأميركا يتم نقلها عبر قناة السويس، كما أن 40%% من بضائع العالم من حيث الحجم والوزن تمر من القناة بشكل عام.
وشدد عميد كلية النقل البحري على أن القيادة السياسية في مصر عظّمت من مكانة قناة السويس، عندما افتتحت قناة السويس الجديدة عام 2015، حيث ساهم ذلك في تقليص فترة العبور نحو 11 ساعة، مما كان له الأثر الإيجابي الكبير على الناقلين كخطوط ملاحية وأصحاب بضائع تمر عبر القناة.
مميزات قناة السويس
وعدّد الموقع الإلكتروني لقناة السويس، مميزاتها بأنها أطول قناة ملاحية في العالم، كما أن نسبة الحوادث فيها نادرة بمقارنتها بالقنوات الأخرى، وتتم حركة الملاحة فيها ليلاً و نهاراً، وهيّ مهيأة لعمليات التوسيع والتعميق كلما لزم الأمر لمجابهة ما يحدث من تطوير في أحجام وحمولات السفن.
كما تتميز قناة السويس بأنها مزودة بنظام إدارة حركة السفن (في تي إم أس)، وهو نظام قائم على استخدام أحدث شبكات الرادار والكمبيوتر، ليكشف ويتابع حركة السفن على طول القناة، ويتيح بذلك إمكانية التدخل في أوقات الطوارئ، بالإضافة إلى استيعاب القناة عبور السفن بحمولة مخففة، لحاملات النفط الخام الكبيرة جداً، وكل السفن الفارغة مهما كانت حمولتها.
وتتعاظم أهمية قناة السويس المصرية بقدر تطور وتنامي النقل البحري والتجارة العالمية، إذ يعد النقل البحري أرخص وسائل النقل، ولذا يتم نقل ما يزيد عن 80% من حجم التجارة العالمية عبر الطرق والقنوات البحرية.
حادث “إيفر غيفن”
ويقول عميد كلية النقل البحري، إنه رغم ما تمثله واقعة جنوح الحاوية البنمية العملاقة “إيفر غيفن” بقناة السويس باعتبارها “أمر غريب وجديد ويحظى باهتمام ومتابعة من وسائل الإعلام العالمي كافة”، لكن المتابعين لمجال النقل البحري يدركون أنه يتكرر بشكل كبير في الممرات الملاحية والأنهار ومداخل الموانئ على مستوى العالم.
وأضاف أن مخاطر هذه الحوادث تزداد نتيجة كبر حجم السفن. وتابع: “كلما زاد حجم السفينة، كلما زادت نسبة المخاطر وصعوبة قيادتها”.
وكانت سفينة “إيفر غيفن” في طريقها إلى ميناء روتردام، ويبلغ طولها 400 متر وعرضها 59 مترا، وتصل حمولتها إلى 224 ألف طن.
ووفق هيئة قناة السويس، وقع الحادث صباح الثلاثاء الماضي؛ نظرا لانعدام الرؤية الناتجة عن سوء الأحوال الجوية لمرور البلاد بعاصفة ترابية، حيث بلغت سرعة الرياح 40 عقدة، مما أدى إلى فقدان القدرة على توجيه السفينة ومن ثم جنوحها.
ممر عالمي فريد
يصف نائب رئيس هيئة قناة السويس الأسبق، المهندس وائل قدور، قناة السويس بأنها “ممر عالمي فريد، ومن أهم القنوات الملاحية في العالم التي ترتبط بمجال التجارة العالمية”.
وقال إن نحو 10% من حجم التجارة العالمية و22% من تجارة الحاويات تمر بقناة السويس.
وكشف “قدور” أن العام الماضي شهد مرور 18830 سفينة، بحمولة تتجاوز 1.7 مليار طن، وهذا يظهر أهمية القناة بالنسبة للتجارة العالمية.
ويؤكد أن حادث سفينة “إيفر غيفن” أمر ليس مستبعدًا أو غريبا بالنسبة للممرات الملاحية، فهو قد يحدث في أي مجرى ملاحي أو ميناء، لكن نسبة هذه الحوادث تكاد لا تذكر بالنسبة لقناة السويس.
وفي رأي “قدور” فإن مثل هذه الحوادث تعود بالأساس لظروف طارئة؛ إما لسوء أحوال جوية أو عطل بمحركات السفينة، ولا يرتبط بمجال التشغيل في القناة.
وارتفع إجمالي إيرادات قناة السويس خلال الخمس سنوات الماضية (منذ إنشاء القناة الجديدة) بنسبة 4.7 في المئة، طبقا للإحصاءات التي أعلن عنها رئيس الهيئة الفريق أسامة ربيع، الذي كشف، في شهر أغسطس/اب الماضي، أن إيرادات القناة بلغت 27.2 مليار دولار مقارنة بـ 25.9 مليار دولار في الخمس سنوات السابقة.
وتستهدف القناة ارتفاع أعداد السفن المارة والعائدات إلى الضعف بحلول العام 2023، وفق الخطة الاستراتيجية، التي أكدها رئيس القناة السابق الفريق مهاب مميش خلال كلمته في الذكرى الثالثة لافتتاح القناة الجديدة قبل عامين، وأعاد التأكيد عليها الفريق أسامة ربيع، الرئيس الحالي للقناة، في أغسطس الماضي.
تعليقات الفيسبوك