تأثيرات جائحة كورونا على صناعة الألماس
أدت عمليات الإغلاق والقيود المفروضة على السفر وحالة عدم اليقين التي شهدها الاقتصاد العالمي إلى انخفاض مبيعات المجوهرات الألماسية بنسبة 15 في المائة في عام 2020، حيث كان القسم الأكبر من هذا الانخفاض قد حدث خلال الربعين الأول والثاني من العام.
تركزت مبيعات الألماس في مواقع البيع بالتجزئة على الإنترنت، في سبيل مواجهة إغلاق المتاجر، واستفادت هذه المواقع من وجود الكثير من المشترين الذين لم يتمكنوا من الإنفاق على السفر أو فضلوا اختيار شراء المجوهرات الألماسية بدلاً من ذلك. وفي الربع الأخير عاد الطلب من جديد، وبلغ ذروته في موسم العطلات الذي شهد عودة قوية في جميع أنحاء العالم.
أظهرت النتائج السنوية العاشرة لتقرير الألماس العالمي 2020-2021 الصادر عن شركة بين أند كومباني، ومركز أنتويرب العالمي للألماس، أن هذه الصناعة تتمتع بالمرونة في مواجهة الانكماش الاقتصادي، حيث يدرك المستهلكون القيمة الهائلة التي تزخر بها هذه الصناعة. ومن المتوقع أن تحقق المجوهرات الألماسية أداءً أفضل من سوق منتجات الرفاهية الشخصية على المستوى العالمي في عام 2020، مع انخفاض بنسبة 15 بالمائة فقط، بالمقارنة مع انخفاض بنسبة 22 بالمائة في المنتجات الفاخرة.
وكان إنتاج الألماس الخام قد واصل اتجاهه التنازلي، حيث انخفض إلى 111 مليون قيراط. وبعدما وصل إلى ذروته في عام 2017 والتي بلغت 152 مليون قيراط، انخفض إنتاج الألماس الخام بنحو 5 في المائة سنوياً. وفي عام 2020، انخفض الإنتاج بنسبة 20 في المائة، بالمقارنة مع مستويات عام 2019. ورغم الظروف المتغيرة، فقط بقي الألماس ثابتاً إلى حد كبير، حيث تمثل أحجار الألماس المتوسطة والكبيرة 25 بالمائة من حجم الإنتاج بالقيراط، ولكن قيمتها تبلغ حوالي 70 إلى 80 بالمائة بالدولار الأمريكي.
التعافي والانتعاش
تقول أوليا ليندي، الشريك في بين أند كومباني، والمتخصصة بأعمال الطاقة والموارد الطبيعية: «حققت صناعة الألماس بشكل عام فائدة كبيرة غير متوقعة في عام 2020، باعتبار أن المستهلكين كانوا غير قادرين على الإنفاق للسفر أو المشاركة في الأنشطة، واستخدموا هذه الأموال في جوانب أخرى مثل شراء الألماس، الأمر الذي يعتبر استثماراً مادياً ملموساً. وقد أفادت أبحاثنا أن أكثر من 75 في المائة من المستهلكين يعتزمون إنفاق مقداراً مساوياً من الأموال أو أكثر منه على شراء المجوهرات الألماسية، بالمقارنة مع الفترة السابقة للجائحة. وهذا ما يشير إلى ارتباط عاطفي قوي ومستمر بالألماس».
أضاف سيريل فابري، الشريك في بين أند كومباني الشرق الأوسط: «شهدنا خلال العام الماضي تأثر العديد من الصناعات بالجائحة المستمرة في العالم، ولا شك أن تجارة الألماس تعرضت للأمر ذاته. وعادةً ما كان قطاع السياحة قبل الجائحة يحظى بنسبة عالية من الإنفاق على الرفاهية في المنطقة، مع قدوم 15٪ من المسافرين العالميين الذين يصلون إلى دبي بهدف وحيد، ألا وهو التسوق. ومن الجليّ أن التغييرات التي تعرض لها العالم ساهمت في الانخفاض طوال العام، ومع ذلك، فقد شهد النصف الثاني من عام 2020 انتعاشاً فيما يتعلق بمشتريات المجوهرات، وقد ساهم العملاء المحليون في دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة في المملكة العربية السعودية، بهذا الانتعاش بسبب حفلات الزفاف والسلوك الاستثماري وإطلاق مجموعات جديدة. وبالنظر إلى الصناعة من منظور عالمي، وباعتبار أن القطاع يتمتع بجذور مترسخة في ظروف التسوق التقليدية، ومع الانخفاض العام بشراء الكماليات منذ عام 2020، ورغم حالة التباطؤ، فمن المتوقع أن يشهد هذا القطاع حالة من التعافي والانتعاش بين 2022 و2024.
زيادة مبيعات الإنترنت
ساهمت جائحة «كوفيد-19» في تفعيل عمل المنصات المتصلة وغير المتصلة، وأجبرت تجار التجزئة على إعادة تجهيز عمليات البيع وتغيير توجه التجارب المخصصة العملاء.
وفي عام 2020، نُفِذ ما يصل إلى 20 في المائة من عمليات بيع الألماس بالتجزئة عبر الإنترنت (ارتفعت من حوالي 13 في المائة في 2019). وكان معظم المشترين (70 بالمائة) يعتمدون على الأدوات الرقمية للبحث واختيار المجوهرات قبل تنفيذ عمليات الشراء من المتجر. ونظراً لأنه من غير المحتمل أن يتوقف هذا التوجه كلياً بعد انتهاء الجائحة، فمن الواجب على تجار التجزئة الاستثمار في الكفاءات الرقمية، وتجارب التسوق الناجحة عبر الإنترنت، والتفاعلات الإيجابية على منصات التسويق أو تجارب العملاء.
ورغم الزيادة في المبيعات عبر الإنترنت وتفضيل البحث عبر الإنترنت قبل إجراء عمليات الشراء، فلا يزال جميع المستهلكين تقريباً (90 إلى 95 بالمائة) يفضلون شراء الألماس من المتاجر التقليدية، ولا تزال هذه العملية بالغة الأهمية ضمن استراتيجيات قنوات البيع بالتجزئة، والتي تتيح للمشتري فرصة رؤية المجوهرات ولمسها، والاستفادة من النصائح الشخصية والخدمات الخاصة الأخرى. ولا تزال حصة مبيعات المجوهرات الألماسية عبر الإنترنت منخفضة مقارنة بالمنتجات الفاخرة والاستهلاكية الأخرى.
مرونة الأعمال
أدت جائحة «كوفيد-19» إلى إجراء تغييرات هيكلية في صناعة الألماس لتتمكن من العودة والتعافي من الركود. وبسبب تلك الظروف، أصبح مخزون الألماس عند مستويات مناسبة تتماشى مع طلب المستهلكين. هناك المزيد من الشراكات بين الجهات الفاعلة في مجال التنقيب والإنتاج والتسويق فيما يتعلق بالتكنولوجيا المستخدمة، واستراتيجيات طرح الإنتاج في السوق، والتسويق. كما أنشئت سلسلة توريد أكثر شفافية تعتمد على الأنظمة الرقمية في قطاع الألماس الخام والمصقول، وظهرت سبل جديدة ومبتكرة للتواصل مع العملاء.
عام 2021
بدأ العام الجديد بمسار قوي وثقة متزايدة في السوق. وأبلغت شركات التنقيب في المناجم عن تحسن بنسبة 5-8 في المائة تقريباً في أسعار الألماس الخام ومبيعاته في شهر يناير، فيما حافظت كبرى شركات التنقيب في المناجم على سياسة مبيعات مرنة ساهمت ببداية قوية لعام 2021.
وحالة عدم اليقين في الظروف الاقتصادية لاتزال مسيطرة بالنظر نحو المستقبل. قد تكون الأزمة الحالية أكثر حدة من أزمة عام 2009، ومن الممكن حدوث ركود مزدوج. ومن غير المتوقع أن يكون هناك تعافٍ كامل وعودة إلى مسار النمو التاريخي حتى 2022–24. وستؤثر ثلاثة عوامل على وتيرة الانتعاش وشكله، وهي: علم الأوبئة، واستجابة السياسات الحكومية، واستجابة المستهلكين.
وبفضل الأداء المتحسن في نهاية العام، فلا تزال التوقعات على المدى الطويل في سوق الألماس إيجابية. ومن حيث الحجم، يتوقع أن يبلغ العرض من الألماس -2 % أو 2 % سنوياً. وبناءً على النمو المتسارع للتعافي على المدى القصير، فمن المتوقع أن يعود الطلب على الألماس الخام إلى مساره التاريخي، وأن ينمو بنسبة 1٪ إلى 3٪ سنوياً.
تعليقات الفيسبوك