عوامل ترسم مستقبل بنوك الشرق الأوسط

أصدرت ديلويت مؤخراً تقريرها الجديد بعنوان «اتجاهات التكنولوجيات المتطورة»، الذي يستشرف فيه مستقبل البنوك في الشرق الأوسط على ضوء التكنولوجيات الجديدة التي بدأت بالفعل تمد الجسور للعالم نحو المستقبل، وتلك التي تحوم في الأفق، في وقت تسعى البنوك في الشرق الأوسط والعالم لمواكبة التوجهات التكنولوجية المتصاعدة؛ لتعزيز عملياتها التشغيلية والارتقاء بخدماتها لعملائها.
وقد سلّط تقرير ديلويت الضوء على واقع نمو قطاع الخدمات المالية في الشرق بخطوات مدروسة قبل تفشي وباء فيروس «كورونا» المستجد، مدفوعاً برغبته الاستجابة لتوقعات العملاء المتغيرة، وتعزيز قدراته التنافسية لا سيما مع دخول مؤسسات مالية جديدة إلى هذا السوق، والامتثال للتشريعات المالية المتزايدة، ومواكبة التقدم الملحوظ في مضمار التكنولوجيا.
في هذا السياق، أفاد خالد حلمي، الشريك المسؤول عن قطاع استشارات المؤسسات المالية في ديلويت الشرق الأوسط: «في غضون أسابيع قليلة فقط، تمكن وباء فيروس «كورونا» من فرملة الخطوات الطموحة التي كانت المؤسسات المالية تخطوها، ولم يعد أمام البنوك سوى التيقّظ وإعادة صياغة استراتيجيات استمرارية العمل لديها، في ظل توقعات تشير إلى استمرار تهديدات هذا الوباء، والى أجواء عدم اليقين الناجمة عنه في المستقبل المنظور. من ناحية ثانية، تلوح في الأفق بوادر تبعث على الاطمئنان حول استجابة المؤسسات المالية والنقدية في العالم للظروف السائدة، إلا أنه لا يزال من المبكر أن نتوقع كيف ستستقر هذه الاستجابات في الأسواق، وتحفز قطاع الأعمال والخدمات المالية للعودة إلى وضعها الطبيعي».
واستجابة لتطلعات العملاء المتزايدة، يمضي قطاع الخدمات المالية قُدُماً وسريعاً في تبني أحدث التقنيات، مثل السحابة والذكاء الاصطناعي، بهدف الحفاظ على التنافسية في بيئة العمل الصعبة الراهنة. ويركز تقرير ديلويت على التقنيات التالية:
1-  الحوسبة السحابية:
تستطيع المصارف خفض تكاليف تخزين البيانات، من خلال توفير النفقات الرأسمالية والنفقات التشغيلية، إضافة إلى ضمان حماية بيانات العملاء وذلك بالاستفادة من الخدمات القائمة على السحابة. وتعدّ السحابة اليوم أداة أساسية لنموذج تقديم الخدمات؛ لأنها تتيح للمصارف بلوغ فرص تجارية جديدة، والوصول إلى قنوات خدمات جديدة.
2-  الذكاء الاصطناعي والتقنيات المعرفية:
أصبح الذكاء الاصطناعي الآن جزءًا من بيئة الأعمال، ويعيد ابتكار كامل النظام البيئي لقطاع البنوك. كما يعزز الذكاء الاصطناعي عملية اتخاذ القرار، ويثري تجربة العملاء، ويحسن الكفاءة التشغيلية اعتماداً على زيادة مستوى الأتمتة، واستخدام الأنظمة الديناميكية. يوفر الذكاء الاصطناعي أيضاً رقابة استراتيجيةً لاستخلاص القيمة من البيانات، وهو أمر ضروري الآن أكثر من أي وقت مضى نظراً لتدفق البيانات من مجموعة واسعة من المصادر.
3-  التقنية المالية:
حددت شركات التقنية المالية اتجاه التغيير وشكله ووتيرته في جميع القطاعات الفرعية المصرفية تقريباً، وذلك في غضون سنوات قليلة فقط. وبفضل هذه التقنيات، يتوقع العملاء الآن الحصول على مختلف الخدمات المالية الرقمية بسلاسة، وموافقات سريعة على القروض، وتحويلات مالية من شخص لآخر بدون رسوم، وجميع الابتكارات التي أشاعتها التقنية المالية.
4-  تقنية سلسلة الكتل البيانية وتقنية السجل الموزَّع:
تم تصميم تقنية سلسلة الكتل البيانية أو بلوك تشين، وتقنية السجل الموزع المرتبطة بها (وهو قاعدة بيانات يتم الاحتفاظ بها وتحديثها بشكل مستقل من قبل كل مشارك في عقدة أو شبكة كبيرة. توزيع هذه القاعدة فريد من نوعه؛ إذ لا يتم توصيل السجلات بعُقد مختلفة من طرف سلطة مركزية، بل يتم بدلاً من ذلك بناؤها بشكل مستقل وحفظها من طرف كل عقد)، كحل بسيط ولكن ذكي في تتبع عملة البيتكوين المشفرة المتداولة. وقد استفاد الحل من بنية «الشجل الموزع» والتي حصل جميع المستخدمين الذين شاركوا بصفة «عُقَد» في الشبكة بموجبها على نسخة من دفتر الأستاذ الكام التكنولوجي.
ويخلص حلمي إلى القول: «مع هذه التقنيات التحويلية، يتعين على البنوك حالياً أن تدرس جدّياً الاحتياجات الفورية لعملائها إلى جانب الآثار المتعددة للمخاطر التشغيلية والمالية والتشريعية، والامتثال على المدى القريب والقصير والمتوسط. ولعل المصارف التي تبنت تقنيات اليوم أصبحت في وضع أفضل لمواجهة هذه الأزمة وتسهيل العودة السريعة لحالة التعافي. كما يمكن للتبني السريع لهذه التقنيات، الآن أكثر من أي وقت مضى، أن يمكّن القطاع من التعافي والازدهار من تبعات وباء «كورونا» المستجد».