التحدي الاقتصادي الأكبر لأمير الكويت الجديد

قالت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني إنها لا تتوقع أي تغيير فوري كبير في اتجاه السياسة العامة للكويت بعد وفاة الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في 29 سبتمبر/أيلول 2020، بعد 14 عاماً من الحكم.

وقالت الوكالة في تقرير صدر عنها أمس الاثنين، إن عملية انتقال السلطة في الكويت كانت “سلسلة”، حيث أدى ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح اليمين الدستورية أميراً جديداً في اليوم التالي لوفاة أخيه الشيخ صباح.

وترى الوكالة أن الأمير الجديد، الشيخ نواف، يواجه العديد من التحديات على المدى القريب والمتوسط، إلا أن التحدي الاقتصادي الأكثر إلحاحاً على المدى القريب الذي يواجهه أمير البلاد هو التعامل مع الفجوة التمويلية التي تواجه الكويت منذ فترة، وهي الدولة المصنفة عند ( – AA) مع نظرة سلبية.

وأشارت إلى أن صندوق السيولة المالية الرئيسي، وهو صندوق الاحتياطي العام (GRF) ظل يتضاءل باستمرار خلال السنوات الأخيرة لأنه كان مصدر التمويل الوحيد للعجز على مستوى الحكومة المركزية في الكويت منذ انتهاء صلاحية قانون الديون في أكتوبر/تشرين أول 2017.

وتعني انتهاء صلاحية قانون الديون أن الكويت لم تعد قادرة على الاقتراض، في حين أن السلطات كانت مترددة حتى الآن في الاعتماد على صندوق الأجيال القادمة (FGF)الأكبر بكثير، الذي تم تخصيصه في المقام الأول لفترة ما بعد النفط.

على مدى الشهرين الماضيين، طبقت السلطات الكويتية التدابير التي يمكن أن تكسبها المزيد من الوقت، ولكن – بحسب الوكالة – فإن هذه التدابير في حد ذاتها تظل غير كافية لسد فجوة التمويل. فعلى سبيل المثال، اعتمد مجلس الأمة قانوناً يعلق التحويل التلقائي لما نسبته 10% من الإيرادات الحكومية إلى صندوق الأجيال القادمة وجعله مُعلقاً على نتائج الميزانية لسنة معينة، كما ضخت السلطات أيضاً السيولة إلى صندوق الاحتياطي العام من صندوق الأجيال القادمة في مقابل تحويل أصول أخرى إلى الأخير.

ولكن مع أخذ هذه الإجراءات في الاعتبار، فإن الوكالة تقدر أن احتياجات الكويت التمويلية للسنة المالية 2021/2020 ستظل كبيرة وقد تقترب من 24% من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي ترى “ستاندرد آند بورز” أن الوقت اللازم لحل مشكلة سيولة صندوق الاحتياطي العام ينفد بسرعة. وإذا استمر الوضع الحالي، فإن هذا الصندوق سيخلو من السيولة في الأشهر المقبلة، علماً بأن مجلس الأمة لم يقر حتى الآن قانون الدين الجديد وسيدخل عطلة قبل الانتخابات المُقبلة.

وقالت الوكالة إنها تتفهم أن يصدر أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد، كحل مؤقت، مرسوم ضرورة يسمح بالاقتراض خلال تلك الفترة، إذا لم يتم التوصل إلى حلول أخرى. وإذا خلا صندوق الاحتياطي العام من السيولة بالكامل، وهو ليس من ضمن سيناريو الأساس لتوقعات الوكالة، فقد تواجه الكويت ضغوطاً صعبة على الميزانية، مع الحاجة إلى تعديل المصروفات الحكومية بسرعة وبقدر هائل.

وبرغم المخاطر، قالت “ستاندرد آند بورز” إنها لا تتوقع أن تتأثر خدمة الدين في مثل هذه الحالة، ويرجع ذلك أساساً إلى أن المبالغ المعنية صغيرة نسبياً، في ضوء تقديرات إجمالي الدين الحكومي العام بنسبة 11% من الناتج المحلي الإجمالي للكويت، في حين أن نفقات الفائدة أو خدمة الديون تعادل نحو 1% فقط من إجمالي الإنفاق.

ومع ذلك، فإن أي تعديل محتمل للإنفاق غير المنظم قد يكون له عواقب ضارة على الاقتصاد الكويتي، مما يؤدي إلى تفاقم تأثير جائحة كورونا (كوفيد 19)، وبالتالي إعاقة فرص الانتعاش الاقتصادي وإضعاف ثقة المستثمرين الأجانب.

وقد يكون هذا الجانب الأخير مهما بشكل خاص حيث تخطط الكويت للعودة إلى أسواق الدين الأجنبية في السنوات القادمة، ولا يزال هذا الوضع يمثل مخاطر بتراجع تصنيفاتها ويدعم التوقعات السلبية.

وإلى جانب الضغوط الوقتية، ترى الوكالة أيضاً أنه سيتعين على الكويت مواجهة والتعامل مع عدد من المشاكل الهيكلية على المدى المتوسط.

وحتى لو تم اعتماد قانون الدين قريباً، فإن حجم العجز المالي الذي تتوقعه الوكالة حتى 2022 يعني أن سقف الدين المقترح البالغ 20 مليار دينار يمكن استنفاده في غضون عامين تقريباً، وعلى هذا النحو فإن المشاكل الحالية ستطفو على السطح من جديد. وقد يكمن الحل المُستدام على المدى الأبعد في تعديل مالي أكثر شمولاً يتضمن خفض الدعوم، وسد ثغرات الإنفاق، وفرض ضرائب جديدة، وهو ما فعلته دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى بالفعل.

وقالت وكالة “ستاندرد آند بورز” في نهاية التقرير، إنها ترى الإصلاحات المذكورة صعبة التحقيق في الكويت نظراً لطبيعة العلاقة بين مجلس الأمة والحكومة التي تتسم بالمواجهة، وسيتعين على الأمير الجديد للبلاد أيضاً السعي إلى إيجاد توافق في الآراء بين مختلف أصحاب المصلحة السياسيين لتسمية ولي العهد، وهو ما يجب أن يحدث بموجب القانون خلال العام المُقبل.