قطاع الرعاية الصحية في الخليج يستعد لضخ استثمارات كبيرة
يستعد مقدمو خدمات الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي لضخّ استثمارات كبيرة في مجال الصحة الرقمية لدفع عجلة انتعاش القطاع في مرحلة ما بعد كورونا، والوصول إلى مستويات أكثر استدامة، واعتماد أكبر على الذات، وفقاً دراسة مشتركة أجرتها المشرق، إحدى المؤسسات المالية الرائدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفروست أند سوليفان، إحدى المؤسسات الرائدة في مجال الاستشارات وأبحاث استراتيجيات النمو.
انكماش طفيف في القطاع
وخلُصت الدراسة التي حملت عنوان “الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي: نظرة على المستقبل”، إلى أن الوباء لن يؤدي إلا إلى انكماش طفيف في عائدات قطاع الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون هذا العام. ففي عام 2019، بلغ إجمالي عائدات القطاع 38.45 مليار دولار (بما في ذلك الصناعات الدوائية والتقنيات الطبية والمستشفيات، وغيرها)، ومن المتوقع ثبات العائدات في عام 2020 على الأرجح عند مستوى يتراوح بين 36.8 مليار دولار و37.9 مليار دولار، نظراً لنمو الاستثمارات في مجال الأدوية والصحة الرقمية الذي عوّض الانخفاض الكبير في الاستثمار في مجال معدّات التصوير الطبي والتقنيات الطبية.
رب ضارة نافعة
من جهة أخرى، دفع الوباء مقدمي خدمات الرعاية الصحية في دول المجلس إلى زيادة استثماراتهم في مجالي الصحة الرقمية والرعاية الصحية عن بُعد، في محاولة لدفع عجلة النمو المستقبلي وتحسين الكفاءات التشغيلية بعد أزمة كوفيد-19. ومن المتوقع أن يتراوح الاستثمار السنوي في البنية التحتية الرقمية عموماً بين 500 إلى 1.2 مليار دولار أمريكي، بزيادة تتراوح بين 10% إلى 20% في العامين المقبلين، مقارنة بالتقديرات السابقة التي تتراوح بين 3% و4%. ومن المتوقع أن يتضاعف عدد زيارات المرضى الافتراضية أربع مرات بحلول الربع الرابع من عام 2020.
نمو في مجالات فرعية
وتوقع نائب الرئيس ورئيس قسم الرعاية الصحية والتعليم في مؤسسة المشرق، كريم عامر، أن يُظهر قطاع الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون مزيداً من الثبات في معظم المجالات، مع نمو متسارع في مجالات فرعية متعددة، كالرعاية طويلة الأجل، والرعاية ما بعد الحالات الحادة، والرعاية الصحية عن بُعد. مضيفاً أنه “بينما يبدأ الانتعاش في قطاع الرعاية الصحية في المنطقة، تزداد أهمية مجال الصحة الرقمية، الذي سيكون الأسرع في استعادة النمو وتحفيز التغيير الأساسي في مجمل القطاع”.
وتابع: لقد ازداد الطلب كثيراً على الرعاية الصحية الرقمية في الوقت الحالي، ونتوقع أن يواصل ارتفاعه في مجالات عديدة بما فيها مراقبة المرضى عن بُعد، والرعاية الصحية الافتراضية، وأتمتة العمليات الروبوتية، والذكاء الاصطناعي. وهكذا، تكون أزمة كوفيد-19 قد شكّلت نقطة تحول في قطاع الرعاية الصحية على الصعيد العالمي وفي دول مجلس التعاون، وقدّمت لهذه الدول فرصة لوضع خارطة طريق جديدة للمستقبل”.
توجه نحو الصناعات المحلية
وشكّل التعامل مع انقطاع سلسلة التوريد وتحسين إدارة التدفقات النقدية أكبر تحدٍّ واجه مقدمي الرعاية الصحية خلال أزمة كوفيد-19، فالزيادة غير المتوقعة في الطلب على الأدوية وأدوات الاختبار ومعدات الحماية الشخصية أدت إلى زيادة الحاجة إلى التصنيع المحلي. ويقدّر التقرير أنه بحلول عام 2021، سيزداد عدد شركات التصنيع المحلي، وأنه في عام 2025، سيغطي التصنيع المحلي 30% على الأقل من الأجهزة الطبية، وما بين 30% و40% من المنتجات الدوائية المستهلكة في المنطقة.
وأضاف عامر: “بما أن المنطقة لا تزال في خضم مواجهة وباء كوفيد-19 وتجاوز الصعاب التي خلّفها على قطاع الرعاية الصحية، فإننا نشهد إعادة ترتيب للاستثمارات في هذا القطاع للتغلب على أوجه القصور وتعزيز النمو. ويجري حالياً بناء الأسس لقطاعٍ أكثر كفاءة، يُعاد فيه تصميم نظام تقديم خدمات الرعاية الصحية بالكامل”.
تعليقات الفيسبوك