توقعات مخفضة لاستثمارات الطاقة بالشرق الأوسط
على وقع الأزمة الثلاثية التي تضرب المنطقة العربية، ترى الشركة العربية للاستثمارات البترولية (ابيكورب) أن قطاع الطاقة سيتحمل جزءاً من تبعات الأزمات بما في ذلك تراجع الاستثمارات المتوقعة في القطاع. ومع ذلك يبقى لدى دول المنطقة أفق مبشر لمشروعات ضخمة قائمة وخطط للتنفيذ في المستقبل.
تراجع التوقعات
تتوقع ابيكورب أن يصل مجموع استثمارات الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى أكثر 792 مليار دولار أمريكي خلال الفترة من 2020-2024. وبالمقارنة مع تقرير توقعات استثمارات الطاقة للعام الماضي 2019 التي قدّر مجموع استثمارات الطاقة بما يزيد على 965 مليار دولار للأعوام 2019-2023، فقد سجلت استثمارات الطاقة للأعوام 2020-2024 انخفاضاً يقدّر بنحو 173 مليار دولار.
ثلاث أزمات
كانت أغلبية دول العالم بنهاية الربع الأول من عام 2020 بين مطرقة الحفاظ على النشاط الاقتصادي والمجازفة بحدوث خسائر كبيرة في الأرواح، وسندان فرض جملة من القيود لاحتواء جائحة كورونا وتقبّل الآثار الاقتصادية السلبية المترتبة على ذلك.
وفي حين أن تلك الدول قامت باتخاذ ما يناسبها من قرارات للتعامل مع هذه الأزمة دون الحاجة للتنسيق مع غيرها من دول العالم، إلا أن استئناف أنشطة أخرى مثل حركة السفر والتجارة سيتطلب التنسيق فيما بينها.
أما الأزمة النفطية، التي جاءت نتيجة فائض المعروض وفاقمها التراجع غير المسبوق في الطلب بسبب كورونا، فتتوقع ابيكورب أن تؤدي إلى إعادة هيكلة قطاع النفط والغاز والسعي لتعزيز الكفاءة قدر المستطاع وحدوث عمليات اندماج واستحواذ.
ثالث الأزمات كانت أزمة السيولة العالمية التي بدأت تفرض نفسها في ظل خسارة عدد متزايد من الأصول المالية قيمتها، مما استدعى تدخل البنوك المركزية والمؤسسات المالية المتعددة الأطراف، لكن هناك مخاوف من أن تؤدي خطط التحفيز إلى استفحال الديون التي قد تبطئ عجلة النمو الاقتصادي.
مشاريع عملاقة تشهدها المنطقة
تقوم دول المنطقة بمشاريع كبرى تشكل معظم إجمالي الاستثمار في الطاقة، ومن أبرزها مشاريع قطاع الغاز وتوليد الكهرباء في المملكة العربية السعودية (39 مليار دولار و41 مليار دولار على التوالي)، ومشاريع العراق في إعادة الإعمار وتوليد الكهرباء من الغاز (33 مليار دولار)، ومشاريع دولة الإمارات الساعية إلى تعزيز قدرتها الإنتاجية من النفط بقيمة 45 مليار دولار، ومشاريع البتروكيماويات الجديدة في مصر (38 مليار دولار).
الاستثمار في كل قطاع
سجل قطاع الغاز أعلى قفزة على صعيد الاستثمارات المخطط لها، حيث نما حجم الاستثمار في هذا القطاع بما مقداره 28 مليار دولار (13%) مقارنة بتقرير توقعات استثمارات الطاقة لعام 2019، مستفيداً من قيام دول مجلس التعاون الخليجي بتطوير مصادر الغاز غير التقليدية وتحديداً في حقليّ الجافورة وحائل في المملكة العربية السعودية، وحقل غشا في الإمارات، فضلاً عن زيادة القدرة الإنتاجية في كل من قطر ومصر وسلطنة عُمان.
وبالنسبة لقطاع البتروكيماويات، يُتوقع أن تعمل دول المنطقة على توحيد استراتيجية القطاع لديها لزيادة دخلها من المنتجات الهيدروكربونية واستخلاص أكبر قدر من القيمة منها. ومن أبرز الاستثمارات في هذا القطاع مشروعيّ الدقم (8.67 مليار دولار) وصور (6.73 مليار دولار) في سلطنة عمان، ومشروع الزور (6.5 مليار دولار) في الكويت، ومشروع ساتورب أميرال (6.34 مليار دولار) في المملكة العربية السعودية.
من جهة أخرى، سجلت الاستثمارات في قطاع توليد الكهرباء تراجعاً يقدّر بنحو 114 مليار دولار نتيجة الانتهاء من عدة مشاريع ودخولها حيز التشغيل خلال عام 2019 في كل من مصر والإمارات والمملكة العربية السعودية.
ومقارنة بالأرقام الأولية في مطلع عام 2020 وعلى ضوء تراجع أسعار النفط والغاز والتقلص غير المسبوق في الطلب، فقد خفّضت شركات النفط الكبرى وشركات النفط الوطنية والشركات المستقلة الكبرى حول العالم الإنفاق المخطط له في الصناعات ذات الصلة بالتنقيب والإنتاج بنسبة تتراوح بين 20% إلى 30%. أما في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فمن شأن زيادة الاستثمار في قطاع الغاز غير التقليدي وما يحدث من تطورات في مجال الغاز غير المصاحب المخصص للاستهلاك المحلي والتنافس القائم على حصص سوق الصادرات أن توازن أثر خفض الإنفاق على صناعات التنقيب والإنتاج.
تعليقات الفيسبوك