قطاع الطيران العربي يتجرع مرارة كورونا
تشير المعطيات إلى أن قطاع الطيران العالمي هو أبرز التضررين من أزمة التوقف التي خلفاها كورونا، ويتلخص ذلك في تراجع الإيرادات وتسريح موظفين وتناقص في التوقعات. ولم يكن قطاع النقل الجوي العربي ببعيد عن هذه التأثيرات، حيث ألقت الأزمة بظلالها على القطاع الذي يسهم في عدد من دول المنطقة بجانب مهم من الناتج الإجمالي ويوفر فرص عمل لآلاف الأشخاص.
ووفقاً لدراسة أعدها صندوق النقد العربي وحصلت «البنك والمستثمر» على نسخة منها، فقد شهدت إيرادات شركات الطيران العربية توقفاً شبه تام في ظل انعدام حركة المسافرين جواً. ومهما حاولت شركات الطيران العربية خفض التكاليف فلن تنجو من أزمة السيولة المالية بدون دعم طارئ من حكومات المنطقة للحفاظ على دورها الاقتصادي المهم، واستمرارية حركة النقل الجوي بما يدعم عملية التعافي الاقتصادي في المدى المتوسط.
ثلاث دول في قلب العاصفة
تشير الدراسة التي حملت عنوان «تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد على قطاع الطيران في الدول العربية وسياسات التعافي» إلى أن أثر الأزمة تبدو أعمق بكثير في ثلاث دول عربية على وجه الخصوص، بما يشمل مصر التي تمثل أول دولة على مستوى منطقة الشرق الأوسط تبدأ بتسيير رحلات جوية منذ 88 عاماً وبالتحديد عام 1932 مع تأسيس أول شركة طيران وطنية وسابع شركة يتم تأسيسها عالمياً.
الدولة الثانية كانت الإمارات العربية المتحدة التي شهدت صناعة الطيران فيها نمواً ملحوظاً منذ منتصف الثمانينات وأصبحت ناقلاتها الوطنية منافساً قوياً على المستوى العالمي، وهو ما عزز التوقعات بمساهمة قطاع الطيران بنحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي عام 2030.
من جهة أخرى، يحتل قطاع الطيران في المملكة العربية السعودية مكانة مميزةً من بين القطاعات الاقتصادية التي تسهم في الناتج المحلي الإجمالي في ظل ندفق ملايين المسافرين سنوياً إلى المملكة لأداء مناسك الحج والعمرة.
تراجع في أعداد المسافرين
يتوقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي أن ينخفض أعداد المسافرين بنحو 4 مليون مسافر عام 2020 إلى تسع دول عربية تلعب بها قطاعات الطيران دوراً بارزاً وهي: الإمارات، السعودية, مصر، المغرب، الكويت، الجزائر، قطر، تونس، وسلطنة عُمان.
ويقدر ان يكون 70% من إجمالي الانخفاض المتوقع في أعداد المسافرين في الإمارات والسعودية ومصر.
انخفاض الإيرادات
ويتوقع أيضاً أن يؤدي انتشار الفيروس إلى انخفاض في أعداد الوظائف بقطاع الطيران في هذه الدول التسع بنحو مليون وظيفة وتراجع في إيرادات القطاع بنحو 23 مليار دولار وانخفاض في مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للاقتصادات العربية التسع بنحو 60 مليار دولار عام 2020.
آثار طويلة وضرورات حتمية
تتوقع الدراسة أن تكون رحلة تعافي قطاع الطيران العربي من تداعيات أزمة كورونا طويلة وقد تحتاج إلى ثلاث سنوات على الأقل. لذا من الضروري في هذه الأجواء اتباع عدة سياسات لدعم تعافي القطاع في المدى المتوسط، كما حددتها الدراسة:
أولاً: تخفيف الأعباء المالية على شركات الطيران
يتحقق ذلك بقيام الحكومات بتأجيل تسديد الضرائب المستحقة لها أو تأجيل مدفوعات سداد ديونها أو تحمل كامل أو جانب من أجور العاملين لديها حتى يمكنها أن تتجاوز هذه الفترة بدون أن تضطر إلى اللجوء إلى تسريح واسع للعمالة.
ثانياً: إعادة الهيكلة وترشيد النفقات
وترى الدارسة أنه في ظل الضغوطات التي تشهدها شركات الطيران العربية حالياً والتحديات المستقبلية التي تواجهها في عالم ما بعد كورونا، يتعين على هذه الشركات تبني برامج واسعة لخفض وترشيد النفقات والاقتصار فقط على النفقات الضرورية لاستعادة العمليات التشغيلية في الأجل المتوسط حتى تحافظ على ربحيتها.
ثالثاً: التحول الرقمي
سوف تعمل التحولات الرقمية على تغيير صناعة الطيران في الفترة المقبلة. ومن الضروري أن تركز شكات الطيران العربية على الاستفادة من التحول الرقمي في تطوير عملياتها التشغيلية وكسب أسواق وشرائح جديدة من المستهلكين من خلال التركيز على عمليات التحول الرقمي التي من شأنها زيادة الإنتاجية والتنافسية.
البنك والمستثمر: فريق التحرير
تعليقات الفيسبوك