“كوكاكولا لبنان” تغلق أبوابها وتسرح العمال

في مؤشر جديد على تدهور الاقتصاد اللبناني، أعلنت شركة كوكاكولا في لبنان (شركة المرطبّات الوطنية)، إنهاء عملها بشكل نهائي، وتسريح جميع العاملين لديها. وإقفال أبوابها نهاية شهر مايو/ايار المقبل.

ويأتي القرار على وقع  الأزمة المالية الخانقة التي شلت الحركة التجارية في البلاد، لا سيما عملية استيراد المواد الأولية للتصنيع وإجراء التحويلات المصرفية إلى الخارج، بحسب بيان الشركة.

وتعتبر هذه المرة الثانية التي تعلن فيها شركة كوكاكولا إنهاء عملها في لبنان، حيث كانت المرة الأولى التي أعلنت إيقاف عملياتها التشغيلية خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990).

لكن الخبراء يرون أن لهذه الخطوة التي اتخذتها الشركة العالمية، تبعات اقتصادية خطيرة تعكس ما عاشته البلاد في الحرب الأهلية، التي أسدلت ستارا من الأزمات الاقتصادية المتتابعة لا تزال البلاد تصارع للخروج منها.

وأشار بيان صادر عن المدير العام للشركة، تم نشره على مواقع التواصل الاجتماعية إلى أنها “تواجه منذ فترة صعوبات وتحديات كبيرة، واستطاعت في فترة معينة أن تتغلب على بعض منها، بالرغم من الخسائر المتراكمة المسجلة لديها، في حين تعثرت في مواجهة البعض الآخر، وصولاً إلى الوضع الاقتصادي المتردي الحاضر الذي يشوب البلاد، والأزمة المالية التي شلت الحركة التجارية لا سيما عملية استيراد المواد الاولية للتصنيع، وإجراء التحويلات المصرفية إلى الخارج”.

وأوضح البيان أنه “لا يمكن رؤية نهاية للأزمة في المدى القريب أو حتى البعيد، والتي أدت بدورها إلى زيادة خسائر الشركة المادية المتراكمة بشكل لم تعد قادرة على التغلب عليها بتاتاً كما السابق”.

وتابع: “اتخذنا مرغمين بتسريح جميع الأجراء والعمال ليصار إلى إقفال الشركة بشكل نهائي بتاريخ 31-5-2020، تمهيداً لاتخاذ القرار بالحل والتصفية ونرجو منكم تقبل القرار بصدر رحب”.

واضاف البيان ان الشركة أبلغت وزارة العمل بتاريخ 30 أبريل بقرارها هذا.

 

يجدر بالذكر، ان تدهور الأحوال الاقتصادية ليس وليد اللحظة، وإنما يعود لأعوام سابقة، عندما اعتمد لبنان في التسعينيات رؤية اقتصادية تعتمد على الخدمات خاصة للبلدان المجاورة، فباتت الأوضاع مرهونة بالأجواء السياسية في المنطقة، بحسب تقرير لمعهد كارنيغي للدراسات السياسية.

وأوضح التقرير أن حكومة رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، قد ركزت على استمالة المودعين الأجانب من خلال الفوائد المرتفعة من أجل إعمار البلاد، ما تسبب في نشوء اقتصاد ريعي، دون الاهتمام بالقطاع الإنتاجي.

كما تسببت المساومات السياسية على مدى السنوات السابقة، بتعطيل الإصلاحات الضرورية، مما أدى إلى تفشي الفساد واستمرار حالة انعدام للاستقرار.

وبدأت معالم الانهيار الاقتصادي بالظهور في لبنان منذ صيف العام 2019، مع بروز سوق موازية لسعر صرف الليرة اللبنانية وشح الدولار، ما دفع بمئات آلاف اللبنانيين إلى النزول إلى الشارع لأشهر عدة رافعين الصوت ضد الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد ويحملونها مسؤولية أزمتهم المعيشية. وأطاحت التظاهرات بالحكومة السابقة.

ومع تفاقم الشلل الاقتصادي، طفح كيل جزء كبير من اللبنانيين بسبب تراجع قدرتهم الشرائية بعدما سجلت الليرة اللبنانية بداية الأسبوع الحالي انخفاضاً قياسياً جديداً في السوق السوداء لتتخطى عتبة أربعة آلاف مقابل الدولار، تزامناً مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 55 في المئة، بحسب وكالة فرانس برس.

وبات 45 في المئة من اللبنانيين، بحسب تقديرات رسمية، يرزحون حالياً تحت خط الفقر، بعدما خسر عشرات الآلاف مورد رزقهم أو جزءاً من رواتبهم خلال الأشهر الستة الماضية.