الاحتياطي الفيدرالي الاميركي يجمّد رفع أسعار الفائدة
فاجأ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي السوق خلال اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الذي انعقد في 29-30 يناير/ كانون الثاني 2019 برسالة متساهلة تشير بوضوح إلى إمكانية إنهاء مبكر لدورة التشديد الحالية لسياساته. فبعد تسع جولات من رفع أسعار الفائدة منذ بداية دورة التشديد في ديسمبر/ كانون الأول 2015، قرر الاحتياطي الفيدرالي الحفاظ على النطاق المستهدف لسعر الفائدة الفيدرالي عند 2.25% إلى 2.5% في الوقت الحالي. وقد ساهمت هذه الرسالة في دعم وجهة نظر السوق المتمثلة في أن الاحتياطي الفيدرالي سوف يتوقف موقتاً عن رفع سعر الفائدة في عام 2019.
والأهم من ذلك هو أن الاحتياطي الفيدرالي أشار بوضوح إلى عزمه المضي في نهج الانتظار والترقب بشأن السياسة النقدية، وهو ما يعدّ موقفاً بعيداً جداً من موقفه السابق الذي كان يتحدث فيه بثقة عن الحاجة إلى مواصلة الارتفاع البطيء، ولكن الثابت، لأسعار الفائدة.
ويظهر من بيان بنك الاحتياطي الفيدرالي ملامح وأبعاد جديدة في تعاطيه مع السوق، كما يقول QNB، وهي:
- توصيف جديد للأداء الاقتصادي
تغير نوعاً ما توصيف السلطات النقدية في الولايات المتحدة للأداء الاقتصادي، مع استخدام كلمات وعبارات مغايرة منتقاة بعناية للتعبير عن خلفية أقل إيجابية بعض الشيء. وتم تخفيض وصف النمو الكلي من ” قوي” إلى “صامد”، رغم أن التقييمات الخاصة بسوق العمل والإنفاق الأسري ومعدل البطالة والاستثمارات الثابتة ظلت دون تغيير عن البيانات السابقة. وفي حين أكد البيان أن التضخم والتضخم الأساسي لا يزالان قريبان من معدل 2%، أضافت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة سطراً جديداً تعترف فيه بأن القياسات المستندة إلى السوق لتعويض التضخم “انخفضت” خلال الأشهر القليلة.
- تغيرت فقرة آفاق السياسة النقدية
وحسب التحليل، تم تضمين سطر عن “التطورات الاقتصادية العالمية” و”خفوت الضغوط التضخمية” لتبرير صبر اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة “لتحدد التعديلات المستقبلية المناسبة للنطاق المستهدف لأسعار الفائدة الخاصة بالقروض الفيدرالية” من أجل دعم مهمتها المزدوجة في تحقيق الحد الأقصى من التوظيف واستقرار الأسعار. وعلى نحو هام، تمت إزالة العبارة التي تشير إلى “بعض الزيادات التدريجية الإضافية في النطاق المستهدف لأسعار الفائدة الخاصة بالقروض الفيدرالية” بشكل كامل، مما يشير إلى تراجع اليقين بشأن اتجاه أسعار الفائدة.
- مراجعة توجيهات السياسة النقدية
أكد البيان رسمياً أن الاحتياطي الفيدرالي ينوي تطبيق سياسة ما يُعرف بنظام “الأرضية” (floor system) لضبط الأوضاع النقدية، وهو نظام تكون فيه الفائدة على الاحتياطيات الفائضة هي الأداة العملية الوحيدة للحفاظ على أسعار الفائدة ضمن النطاق المستهدف من قبل اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة. وذلك يعني أن اللجنة تتوقع الاحتفاظ بكميات وفيرة من الاحتياطيات في المستقبل، ولذلك فإنها لن تحتاج إلى العودة للميزانيات العمومية الصغيرة التي كانت سائدة في الماضي (قبل الأزمة المالية العالمية). وذكر البيان أيضاً أن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة “مستعدة لتعديل أي تفاصيل لإكمال عملية تطبيع السياسة النقدية في ضوء التطورات الاقتصادية والمالية”، وهذا يعد مغايراً بشدة للبيانات السابقة التي كانت تعتبر الميزانية العمومية أداةً خاملةً لا تعمل من ذاتها. وبالرغم من أن تخفيض وتيرة التشديد الكمي أو إيقافه يبدو صعب المنال، إلا أن فرص إدارة الميزانية العمومية بطريقة أكثر فعالية قد تزايدت الآن. ووفقاً لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيرومي باول، ينبغي للجنة السوق المفتوحة أن تجد نقطة النهاية المناسبة لعملية تطبيع السياسة النقدية من خلال “التقدم باتجاه تلك النقطة بشكل حذر”، وذلك يجب أن يحدث بطريقة “تدريجية.
*************************************
مجلـــة البنك والمستثمر
العدد 219 _أذار 2019
تعليقات الفيسبوك