مؤتمر مصرف لبنان لتسريع الأعمال يعزز اقتصاد المعرفة
نظم مصرف لبنان مؤتمره الدولي السنوي الثالث لتسريع الأعمال والخاص بالشركات الناشئة BDL Accelerate 2016 في الـ “فوروم دو بيروت” ، بحضور شخصيات مصرفية ورواد أعمال ومتحدّثين عالميين ومشاركة أكثر من 23 ألف زائر بينهم ما لا يقلّ عن 3000 مشارك أجنبي ، ما جعل من المؤتمر الحدث الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودول حوض المتوسط.
وكان الشريك المؤسس لشركة آبل ستيف وزنياك الملقّب بـ”ووز”، وصديق الراحل ستيف جوبز، الضيف الأبرز في المؤتمر، حيث تكلم عن الطموح وأسدى النصائح التي تؤدي لنجاح الشركات الناشئة. كما كان لمؤسس شركة Nest والذي كان وراء اختراع “آي بود” و”آي فون” اللبناني الأصل طوني فاضل حلقة نقاش عن الابتكار والتكنولوجيا.
وقد ألهب فاضل حماسة الحضور اللبناني في المؤتمر عندما قال إن نجاحه في الخارج هو نجاح للبنان، مسقط رأسه حيث كان الحلم الذي تحول إلى حقيقة.
دعم الشركات الناشئة
وألقى حاكم مصرف لبنان رياض سلامه كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر قال فيها “إن لقاءنا للسنة الثالثة على التوالي يؤكد اهتمامنا المشترك بتطوير قطاع اقتصاد المعرفة، هذا القطاع الذي سيلعب دوراً جوهرياً في اقتصادنا وفي مستقبل لبنان” .
وأشار سلامه، المؤسس والمنظم للمؤتمر، إلى أن “النجاح الذي حققناه عندما أوجدنا تعاوناً وثيقاً بين القطاع المصرفي ورواد الأعمال بهدف تطوير قطاع اقتصاد المعرفة، ساهم في نشوء شركات مسرّعة للأعمال وحاضنات أعمال، فضلاً عن عدد من الصناديق والشركات الناشئة”.
وشدّد على أن الضمانات التي يقدّمها مصرف لبنان للمصارف تهدف إلى إنشاء قطاع يؤمن فرص عمل للبنانيين ويعزز فعالية الاقتصاد اللبناني وقدرته التنافسية. فقال: “إن المشهد المالي في المنطقة تغيّر: المخاطر تزايدت، في حين تراجع توفّر العملات الأجنبية. من هذا المنطلق، وحرصاً على استقرارنا المالي والنقدي، كان لا بدّ من مواجهة الواقع المستجدّ وقلب الاتجاه السائد، بخفض المخاطر وزيادة توفّر العملات الأجنبية” ، لافتاً الى أن مصرف لبنان تمكّن بفضل هندسته المالية من استقطاب مليارات الدولارات الى لبنان، ما أثّر أيجابا على ميزان المدفوعات الذي بعد تسجيله عجزا تراكميا بلغ 1.7 مليار دولار في أيار/مايو 2016، عاد ليسجل فائضا بقيمة 555 مليون دولار في أيلول 2016. كما تسارع نمو الودائع المصرفية الى 2.5% بعد تطبيق الهندسة المالية. وبذلك، عززت المصارف ميزانيتها، ما أتاح لها الاستمرار في توسيع محفظتها التسليفية، لا سيما بالليرة اللبنانية، دعما للنشاط الاقتصادي، مع التقيّد في الوقت نفسه بالمتطلبات الدولية الجديدة المتعلقة برأس المال والمخاطر.
وفي ختام كلمته دعا سلامه روّاد الأعمال وكل من يُعنى بالاقتصاد وقطاع الأعمال إلى المساهمة في رفع اسم لبنان عالياً عالمياً قائلاً: “أسِّسوا الشركات في لبنان وانتجوا في لبنان، ثم صدّروا بالطريقة الفضلى، عبر المنطقة والعالم. لبنان بلد قوي. لقد مرّ اللبنانيون في أحلك الظروف وأصعبها. عاشوا الحروب والأزمات السياسية التي كانت لتدّمر اقتصادات بلدان عديدة. إلا أننا ثابرنا في بناء اقتصادنا. وبهذه القوة وهذا العزم، سنبني معاً قطاع اقتصاد المعرفة”.
مساعدة رواد الأعمال
من جهته، حيّا رئيس جمعية المصارف في لبنان، جوزف طربيه المبادرة التي قام بها حاكم مصرف لبنان في حثّ الشركات الناشئة على التقدّم لدعم الاقتصاد اللبناني. وعبّر أيضاً عن سعادة القطاع المصرفي اللبناني في انتخاب رئيس جمهورية جديد قائلاً: “نأمل أن يدعم هذا الإنجاز اليوم روّاد الأعمال اللبنانيين، الشركات الصغيرة والمتوسّطة والناشئة. فقد زادت التوعية حول أهمية الدور الفعّال لتأسيس الشركات الصغيرة خلال السنوات الأخيرة وهدفت المبادرات إلى دعم الابتكار في المدارس والجامعات من خلال تنظيم المسابقات”. وأضاف طربيه قائلاً: “تؤدي شركات رأس المال الاستثماري دوراً فعّالاً في تأمين التمويل اللازم وقد جمعت مبلغاً كبيراً من المال لتمويل الشركات الناشئة في قطاع المعلومات وتكنولوجيا التواصل. وقد طوّرت هذه الشركات أعمالها لمساعدة روّاد الأعمال على تحويل أفكارهم إلى منتجات، عمليات وخدمات”. وفي الختام، دعا طربيه كل الأطراف المعنية بالشركات الناشئة إلى اغتنام الفرصة لبلورة الرؤى وتطوير الأعمال الجديدة بهدف تقدّم المجتمعات والاقتصادات.
اقتصاد المعرفة
أما رئيس جمعية تجّار بيروت ورئيس جمعية خرّيجي جامعة MIT الأميركية، نقولا الشماس، فأشاد في كلمته بالتعميم 331 الصادر عن مصرف لبنان الذي مهّد الطريق لقيام اقتصاد المعرفة المستدام في لبنان والذي سهّل مشاركة كافة أطرافه من روّاد أعمال، جامعات، مستثمرين ومصرفيين في عالم واحد وهو النظام الإيكولوجي أو الـEcosystem أي ركيزة اقتصاد المعرفة. إضافةً إلى أن تعميم مصرف لبنان ساهم في ضخّ الأموال لدعم الشركات الناشئة وتأسيسها والتي وصلت قيمتها إلى 500 مليون دولار أميركي. وفي كلمته قارن شمّاس بين الطبقة السياسية وروّاد الأعمال قائلاً: “الطبقة السياسية لا تفكّر على مستوى كبير وتنقل الجميع إلى مرحلة من الإحباط الدائم، أما روّاد الأعمال فيفكرون على مستوى كبير جداً ويتمتّعون بالأمل في توسيع مشاريعهم. السياسيون يصنعون اقتصاداً لخدمتهم أما المبادرين فيهدفون إلى تأسيس اقتصاد يخدم الجميع”. وشجّع المبادرين وروّاد الأعمال على المثابرة وتوسيع استثماراتهم وأعمالهم، وتكلّم على تجربته في رئاسة جمعية خرّيجي الـMIT، كونه الرئيس رقم 122 للجمعية، وكيفية إدارتها عن بعد 10000 كلم كون مقرّها في الولايات المتحدة. وتكلّم على تركيز MIT على تحديات العصر مثل الحفاظ على البيئة، محاربة ووضع حدّ للأمراض المستعصية والعمل على إيجاد بعض العلاجات لها وعلى رأسها الألزهايمر ونشر التكنولوجيا الرقمية.
التعميم 331
يذكر أن هذا المؤتمر، الذي امتد من 3 الى 5 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، يندرج ضمن تطبيق التعميم رقم 331 الذي أصدره مصرف لبنان عام 2013، وهو يسمح للمصارف بأن تكون شريكا عبر الاستثمار في الشركات الناشئة، إذ يضمن المركزي 75% من هذا الاستثمار، كما يسمح للمصارف باستعمال 3% من رأسمالها لاستثمارها في شركات ناشئة، مع إمكان القيام ببعض الاستثناءات. ولهذه الغاية خصص ما قيمته 400 مليون دولار من ضمانات مالية لهذا النوع من الاستثمارات المحصورة بالشركات اللبنانية والصناديق الاستثمارية اللبنانية، لكون الهدف هو إيجاد قطاع تكنولوجي رقمي في لبنان.
وتشكل الشركات الصغيرة في لبنان أكثر من 90% من الشركات القائمة، وتضم نحو 82% من موظفي القطاع الخاص، وتساهم في نسبة مهمة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتشمل جميع أنواع الأعمال، من الحِرَف التقليدية إلى المهن الحرة والشركات الناشئة المتخصصة بالتكنولوجيا.
تعليقات الفيسبوك