مشعل: نتائج المؤسسة العامة تحفّزنا لتفعيل أعمال التأمين
مشعل: نتائج المؤسسة العامة تحفّزنا لتفعيل أعمال التأمين
أكد المدير العام للمؤسسة السورية العامة للتأمين الدكتور ياسر مشعل، لمجلة البنك والمستثمر، إن نتائج المؤسسة في نمو مستمر منذ بداية عام 2015، حيث تجاوزت أقساط التأمين في المؤسسة مبلغ 6.2 مليارات ليرة سورية حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري 2016. وقال في حديث أن أولويات المؤسسة تتركز في المرحلة الحالية على تحقيق نقاط عدة، منها، تحسين ظروف وشروط وأنشطة العمل التأميني لزيادة مرونته في التعامل مع ظروف الانفتاح والازدهار ومع ظروف الأزمة والحرب على حد سواء، ترتيب البيت الداخلي مالياً وأدارياً ومنح الصلاحيات اللازمة للتخفيف من مركزية الأعمال.
وغي ما يلي نص الحديث:
1-كيف تقيمون النتائج المالية للنصف الأول من العام الجاري، هل سجلتم أرباحاً؟
إن نتائج المؤسسة العامة السورية للتأمين في نمو مستمر منذ بداية عام 2015، حيث تجاوزت أقساط التأمين في المؤسسة مبلغ 6.2 مليارات ليرة سورية حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري 2016، مقارنة مع النصف الأول من عام 2015، حيث بلغت أرباح المؤسسة 6,094 مليارات ليرة سورية. ويبين تقرير نتائج أعمال المؤسسة العامة السورية للتأمين، أن أقساط التأمين الصحي بلغت4.1 مليارات ليرة، وبنسبة أقساط من إجمالي أقساط المؤسسة المحصلة مقدارها (66.95%). ويشير التقرير إلى ارتفاع حجم أعمال المؤسسة بالنسبة لتأمين السيارات التكميلي، حيث بلغت أقساطه في النصف الأول من عام 2016 (579,936,895) ليرة، وبمعدل نمو نصف سنوي (26.48%)، وبنسبة أقساط من إجمالي أقساط المؤسسة المحصلة مقدارها (9.33%). في حين حقق تأمين الحريق نسبة أقساط من إجمالي أقساط المؤسسة المحصلة في النصف الأول من عام 2016 قدرها (9.16%) بقيمة (569,060,867) ليرة. وبحسب التقرير، بلغت قيمة أقساط تأمين السيارات الإلزامي (544,518,655)، بنسبة من إجمالي أقساط المؤسسة المحصلة في النصف الأول من عام 2016 مقدارها (8.76%). كما ازدادت أقساط الحوادث العامة (السرقة) في النصف الأول 2016 وبلغت قيمتها(128,527,952) وبنسبة أقساط من إجمالي أقساط المؤسسة المحصلة النصف سنوية مقدارها (2.07%). أما أقساط التأمين الهندسي فبلغت (127,267,690) ليرة، وبنسبة أقساط من إجمالي أقساط المؤسسة المحصلة النصف سنوية مقدرها (2.05%). كذلك بلغت قيمة أقساط تأمين النقل (72,766,025) ليرة، ووصلت أقساط تأمين الحياة إلى (14,437,184) ليرة وبنسبة أقساط من إجمالي أقساط المؤسسة المحصلة انخفاضاً وقدرها (0.23%)، ليأتي في المراتب الأخيرة تأمين المسؤولية المدنية وتأمين الطيران والتأمين الشخصي.
2-ما التحدي الأهم الذي ما زالت تواجهه شركات التأمين وله تأثير على أدائها أو حصول خسائر؟
التحدي الأبرز الذي تواجهه شركات التأمين السورية، هو ارتفاع سعر الصرف وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن السوري، من جهة، ومن جهة أخرى هناك انخفاض في قيمة رؤوس الأموال، ما يؤثر على قدرة الشركات في الاحتفاظ بالمخاطر، وهذا يترافق مع ارتفاع في القيم التأمينية، ما يجعل الشركات غير قادرة على تأمين التغطيات التأمينية المطلوبة، وهذا يخلق فجوة بين قيم المخاطر والقدرات المالية للشركات. يضاف الى ذلك، توقف شركات إعادة التأمين الخارجية عن قبول الأخطار من شركات التأمين السورية.
على صعيد آخر، يمكن تصنيف المشاكل الأساسية التي يعانيها قطاع التأمين إلى ثلاثة مستويات: على مستوى الأفراد ويتمثل بضعف الكوادر التأمينية وانعدام التدريب الفني، وعلى مستوى الشركات هناك ضعف في القدرة المالية للشركات نتيجة ارتفاع القيم التأمينية وانخفاض ملاءة الشركات، أما على مستوى التشريعات فتبرز الحاجة إلى إعادة نظر شاملة للتشريعات الناظمة لقطاع التأمين.
وتتمثل دورة العمل التأميني على مستوى الأفراد بمراحل عدة تبدأ من التسويق للعقد إلى دراسة السعر الفني، والكشف قبل التأمين والاكتتاب، وإصدار البوليصة، ومن ثم مراجعة الاثر المالي لها، وفي حال حصول حادث يتم الكشف وتصفية الحادث. وهذه الآلية تحتاج إلى عناصر مدربة، من وكلاء ووسطاء تأمين لتسويق العقد، إلى مهندسين وخبراء محلفين للكشف، قبل التأمين وبعده، إلى اكتواري لدراسة السعر الفني للعقد وموظفي اصدار وتصفية وقانونيين وغيرهم. فالعامل البشري من أهم عناصر العملية التأمينة. ويحتاج العنصر التأميني إلى تأهيل طويل علمي وفني، وهو العنصر الغائب في السوق السورية.
وعلى مستوى الشركات، أدت الازمة الحالية التي يعيشها بلدنا سورية إلى ارتفاع كبير في القيم التأمينة، فارتفعت قيم السيارات والعقارات وغيرها من الأصول القابلة للتأمين، وفي الوقت نفسه، أدى ارتفاع أسعار الصرف إلى انخفاض القيم الحقيقية لحقوق الملكية في شركات التأمين، ما خفض من قدرة الشركات على تأمين مواضيع تأمينية دون إعادة للخطر، آخذين بعين الاعتبار إحجام المعيدين عن السوق السورية نتيجة عوامل عدة سياسية أو مالية، ما أدى الى تراجع قدرة الشركات على تحمل المخاطر وتوسيع محافظها التأمينية.
أما على مستوى التشريعات، فتعمل سوق التأمين ضمن إطار المرسوم 43 لعام 2007 و الذي وضع لاطلاق سوق التأمين الخاص، وهو اليوم المرجع الوحيد للقضايا التأمينية والذي بات بحاجة الى إجراء تعديلات أو إقرار قانون جديد للتأمين، يراعي المرحلة الحالية، ويكون أكثر مرونة استجابة لمرونة العمل التأميني.
3-ما الخدمات التي تقدمها المؤسسة وماذا عن التأمين الصحي؟
تضم خدمات التأمين في المؤسسة العامة السورية للتأمين، تأمين السيارات (الشامل والالزامي)، تأمينات الحريق والهندسي، تأمين الحياة، تأمين الطيران وأجسام السفن، تأمين أخطار النقل، التأمين الصحي. كذلك قامت المؤسسة خلال الحرب بطرح منتجات جديدة، منها خطر الحرب والاضطرابات لكل أنواع التأمين، تم إضافة مخاطر الحرب لعقود تأمينات الحياة، وعقد طلاب المدارس، وأيضاً لعقود التامين الصحي.
وفي ما يتعلق بالتأمين الصحي، تتمثل المشكلة الكبرى في تحقيق التوازن بين تأمين التغطية المطلوبة والتي يزيد من كلفتها ارتفاع أسعار الخدمات الطبية، في حين بقيت قيمة البدل كما هي. وبالتالي يمكن تصنيف المشاكل الملحة التي بحاجة لحل سريع اليوم بثلاث مشاكل أساسية.
تتعلق المشكلة الأولى بمزود الخدمة والتعرفة الطبية: أصبحت التعرفة الرسمية غير مطبقة على أرض الواقع، وأصبحت الهوة واسعة بين الأسعار المطبقة بالسوق والأسعار المقرة من الوزارة، وهو ما خلق مشكلة لدى المؤسسة العامة السورية للتأمين والتي تطبق تعرفة وزارة الصحة في عقودها مع مزودي الخدمة بعدم رغبة مزودي الخدمة التعاقد مع المؤسسة نظراً لعدم تناسب التعرفة المطبقة مع الأسعار السوقية، وفي حال التعاقد يبحث مزود الخدمة عن وسائل لسوء الاستخدام ليعوض الفرق بين التعرفة السوقية وتعرفة وزارة الصحة، أو أن
يحمل المؤمن له الفرق، ما خلق حالة من التذمر لدى المؤمن لهم، بالإضافة الى سوء استقبال مزودي الخدمة لمرضى التأمين الصحي.
إن الموقف اليوم يمس جوهر مشروع التأمين الصحي الذي تعافى بشكل كبير بعد صدمات عدة تعرض لها. وكما أسلفنا تم العمل على إصلاح البنية الداخلية والعلاقة مع شركات إدارة النفقات الطبية.
المشكلة الثانية تتعلق بالمؤمن له من حيث التغطيات الخاصة ببوليصة التأمين الصحي في القطاع الإداري:
إن الزيادات في أسعار الخدمات الطبية أدت الى ما يلي: عدم كفاية حدود التغطية التأمينية لحاجات المؤمن له:
- أن سقف الإجراءات خارج المشفى 50000 ليرة للمؤمن سنوياً، وتشمل زيارة الطبيب والأدوية والأشعة والمختبرات التي لم تعد كافية، حيث أن متوسط سعر الوصفة المزمنة اليوم حوالى 6000 ليرة، وسنوياً 72000، وهي تفوق سقف التغطية المحدد ببوليصة التأمين والبالغ 50000، وهنا فقط للأدوية ولم نأخذ بعين الاعتبار باقي الإجراءات خارج المشفى، علماً بأن المؤسسة رفعت في عام 2013 حدود التغطية من 25000 الى 50000 ليرة والغت نسبة 10% (تحمل على المريض عند زيارة الطبيب) دون تحميل المؤمن له أي عبء إضافي.
- إن حدود التغطية داخل المشفى والمحددة بـ 300000 لم تعد كافية مع ارتفاع أسعار المستهلكات والأدوية والأوكسجين والإقامة، حيث رفعت وزارة الصحة أجور الإقامة في عام 2014 وازدادت أسعار المستهلكات بسبب ارتفاع أسعار الصرف. وهو ما حمل المؤمن له فرق قيمة الاجراء من سقف التغطية، حيث تبلغ نسبة المؤمن لهم الذين تجاوزوا سقف التغطية داخل المشفى بحوالى 40%.
- سقف البدائل الصناعية المحدد بـ 100000 لم يعد كافياً مع ارتفاع أسعارها نتيجة ارتفاع أسعار الصرف.
كل هذه الزيادات وعدم كفاية التغطيات، انعكست على رضى المؤمن له عن خدمات التأمين الصحي، وقزمت ما تقدمه الحكومة من تغطيات تأمينية أمام ما يدفعه المؤمن له من فرق نتيجة تجاوز السقوف التأمينية. وترد الى المؤسسة اليوم العديد من الطلبات لرفع سقوف التغطية التأمينية، وخاصة من المؤمن لهم الذين هم بحاجة لأدوية مزمنة على مدار العام، فسقف التغطية الحالي يكفي بالمتوسط حوالى 9 أشهر للوصفات المزمنة، ما يرتب على المؤمن له تحمل قيمة الوصفات لثلاثة أشهر بالحد الأدنى.
المشكلة الثالثة: تتعلق بالمؤسسة العامة السورية للتأمين من حيث بدل التأمين الخاص ببوليصة القطاع الإداري: تحملت المؤسسة منذ أربع سنوات كل الزيادات الخاصة بالتعرفة الطبية المذكورة أعلاه دون أي زيادة في البدل التأميني، ما رفع من كلفة المؤمن له الواحد من حدود 8300 ليرة الى حوالى 16300 ليرة اليوم. وبالتالي لم تعد المؤسسة اليوم قادرة على تحمل الكلفة في بوليصة القطاع الإداري دون زيادة في البدل التأميني.
الجدول التالي يبين زيادة الكلفة بين عام 2015 مقارنة بالأعوام السابقة حسب طبيعة الاجراء:
وبالتالي نلاحظ الزيادة الواضحة والمضطردة بتكلفة المؤمن وعدم كفاية القسط التأميني البالغ 8000 ليرة. مع العلم أنه لم يتم إضافة الأتعاب الإدارية الى التكلفة، بل اقتصرت الأرقام على تكلفة الاستفادة من الخدمة التأمينية، بالإضافة إلى أنه لم يتم احتساب تكلفة ارتفاع أسعار الأدوية الأخيرة والتكلفة المؤكدة لإعادة النظر بالقرار 79/ت الخاصة بالتعرفة الطبيةن وفق ما تفتضيه الظروف الحالية.
ومع التعرفة الطبية المعمول بها حالياً، وغير المناسبة للأوضاع السوقية حسب استطلاعات السوق، والمؤسسة العامة السورية للتأمين التي تحملت تكاليف الزيادة في أسعار الخدمات الطبية السابقة لغاية تاريخه من إيراداتها الخاصة, فإن المطالبات الخاصة بالتأمين الصحي باتت ترهق المؤسسة وتهدد بالتسبب بخسارة المؤسسة, التي تسعى جاهدة لتوسيع محفظتها التأمينية من مواضيع تأمينية أخرى، بغية تحقيق وفر اقتصادي قادر على مجابهة أعباء التأمين الصحي المتزايدة. وبالتالي، لا بد من رفع القسط التأميني اليوم تماشياً مع التكاليف المدفوعة.
4-هل تقوم المؤسسة بتأمين المنشآت الخاصة بالقطاع العام مثل الطائرات والبواخر؟
نعم، تقوم المؤسسة بتأمين هذه المنشآت، ولكن نظراً للعقوبات الأوروبية المطبقة على سورية منذ حزيران 2013، والتي تمنع منح تغطيات تأمينية للحكومة السورية وكل المؤسسات والهيئات والوحدات التابعة لها، فقد توقفت شركات الإعادة عن قبول المشاركة في أي خطر مملوك من قبل الدولة أو مؤمن لدى المؤسسة العامة السورية للتأمين، لكن عندما تقوم أي جهة أو شركة، سواء أكانت قطاعاً عاماً أم قطاعاً خاصاً بتقديم طلب تأمين للمؤسسة ويكون الخطر كبير بحيث يتجاوز القدرة الاكتتابية لها، تقوم المديرية الفنية مع مديرية الإعادة بدراسة الخطر ثم تتخذ القرار المناسب، إما بالاحتفاظ بالخطر كاملاً أو بتقديم تغطية جزئية حسب الطبيعة الفنية للمنشأة ومستوى خطورته، كما يتم عرض الخطر على شركات الإعادة الداخلية لإسناد أجزاء منه ضمن الامكانات المتاحة.
أما بالنسبة للطائرات والبواخر المملوكة للدولة (مؤسسة الطيران العربية السورية والمؤسسة العامة للنقل البحري) ونظراً لكون هذه الأخطار كبيرة جداً وتتعدى بشكل فائق الطاقة الاستيعابية للمؤسسة، وفي الوقت نفسه لا يمكن تشغيلها دون إصدار شهادات تأمين لكل طائرة أو باخرة، فإن المؤسسة تقوم بإصدار هذه الشهادات بضمانة الخزينة العامة للدولة وبتفويض منها بعد الحصول على موافقة رئيس مجلس الوزراء على ذلك.
إلا أن المؤسسة استطاعت في عام 2015 إبرام اتفاقية نقل بحري مع شركة الاتحاد العربي لإعادة التأمين، تقوم على أساس الاحتفاظ ثم الفائض، تغطي الشحن البحري و/ أو الأوراق النقدية والمالية و/ أو تغطيات النقل البحري أو البري، بما في ذلك نقل البضائع في كل أنحاء الأقاليم واحتفاظ المؤسسة بمبلغ /2000000000/ ليرة سورية وبسعة /800000000/ ليرة يسند 100% إلى شركة الاتحاد العربي لإعادة التأمين. كما أبرمت اتفاقية نقل أموال ضمن أراضي الجمهورية العربية السورية، تقوم على أساس الاحتفاظ وتوزيع الحصص وفق نسبة ثابتة سعتها /2000000000/ ليرة تحتفظ المؤسسة بـ 50% من قيمة كل شحنة ويسند 50% إلى شركة الاتحاد العربي لإعادة التأمين مهما بلغت قيمة الشحنة ،وتغطي هذه الاتفاقية نقل الأموال براً أو جواً، وتستمر هاتين الاتفاقيتين لنهاية 2016. ويتم حالياً التداول مع شركات إعادة تأمين روسية، ومنها شركةRussian Reinsurance Company إحدى كبريات شركات إعادة التأمين الروسية والمصنفة عالمياً/B/ وائتمانياً /BB+/ من قبل وكالة التصنيف A.M.Best لفتح خط إسناد أجزاء من الأخطار الكبيرة، إضافة للأجزاء التي يتم إسنادها داخلياً لدى شركة الاتحاد العربي لإعادة التأمين والشركات الوطنية.
5-هيئة الاشراف على التأمين مسؤولة عن تنظيم السوق، ما مدى التوافق بين ما تتطلع إليه الشركات وما تقرره الهيئة، وما هي الأمور التي يجري الجدل حولها عادة؟
عموماً، لا يوجد اختلاف في وجهات النظر، وهناك تبادل دائم لوجهات النظر حول المواضيع المختلفة بين المؤسسة وهيئة الاشراف، ونقاش مستمر حول مختلف الأمور التي يعنى بها قطاع التأمين ليكون التنسيق بين الجهتين على أتم وجه. ونشير في هذا المجال، الى إن هناك ممثلين دائمين من الهيئة في مختلف اللجان التي تشكلها المؤسسة العامة السورية للتأمين، ومنها (اللجنة الطبية، ولجنة سوء استخدام التأمين الصحي).
6-هل بات نشر الوعي التأميني بين الأفراد والمؤسسات أكثر ضرورة في ظل الحرب؟
لطالما وصف مفهوم التأمين في سورية بأنه يشبه دفع الضرائب، وأن الشعور بالحاجة لامتلاك وثيقة تأمين ضد خطر ما يبرز عند وقوع الحادث (حريق-سرقة- الخ..). وهذا الأمر اعترض عمل شركات التأمين لفترات طويلة، وتطلب منها تنويعاً في المنتجات التأمينية المقدمة لتستطيع جذب أكبر فئة اجتماعية ممكنة، لا سيما في ظل انخفاض القدرة الشرائية. وبناء عليه، تجد شركات التأمين صعوبة في نشر التأمين، ما عدا الالزامي منه. أما بالنسبة للتأمينات الاختيارية، فالترويج لها صعب نظراً لانخفاض قيمة الليرة السورية وارتفاع سعر الصرف.
وأمام هذا الواقع اتجهت المؤسسة العامة السورية للتأمين نحو التركيز على عقد الندوات والمحاضرات، ومؤخراً عقدت المؤسسة سلسلة ندوات بالتعاون مع عدد من النقابات والجهات المعنية بمواضيع التأمين، خاصة ما يتعلق بالتأمين الصحي وضرورة نشر الوعي حول الاستخدام الصحيح لبطاقة التأمين الصحي، كي يحقق مشروع التأمين الصحي الهدف المرجو منه.
من ناحية أخر، أوجدت ظروف الحرب أخطاراً جديدة، ورفعت من معدلات الأخطار المختلفة في كل المجالات، ما دفع المؤسسة للعمل على التوعية بهذه الأخطار وكيفية مواجهتها من خلال التامين، ولذلك تم إحداث لجنة تواصل مع الجمهور، من مهامها تنظيم المحاضرات التأمينية العلمية والعملية بهدف نشر ثقافة التأمين ورفع مستوى الوعي به.
ونعمل مع الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون لرعاية برنامج تلفزيوني يشرح أهمية التأمين وآلياته، إضافة إلى المشاركة في الكثير من المعارض والندوات ونشر الاعلانات المختلفة عن التأمين في الصحف والمجلات ، ما هو مؤكد ان الاعلام ذراع أساسي في نشر الوعي التأميني ونتطلع إلى التعاون الوثيق معه.
ولا بد من القول، أن النمو الملحوظ في معدلات أعمال التأمين في المؤسسة يعكس زيادة الوعي التأميني في المجتمع والجهود المبذولة من قبل المؤسسة لتلبية الاحتياجات.
7-هل ابتكرت شركات التأمين خدمات تأمينية تلبي احتياجات السوق بعد الحرب في سورية؟
لوحظ خلال الأزمة، توجه بعض شركات التأمين نحو تطبيق سياسة الاكتتاب المنخفض لتجنب نفسها المخاطر التي قد تلحق بها جراء موافقتها على تشميل بعض التغطيات في وثيقة التأمين الصادرة عن شركة التأمين. بينما عملت المؤسسة العامة السورية للتأمين على توسيع محفظتها التأمينية من خلال منتجات تأمينية جديدة، وبفضل المرونة التي تتمتع بها المؤسسة تمكنت من مواجهة الاحتياجات الجديدة التي فرضتها ظروف الأزمة، حيث تم طرح منتجات تأمينية خاصة بالممتلكات وحماية الأسرة وطلاب المدارس ضد أخطار العنف السياسي والأعمال الأرهابية، دراسة منح تغطيات تأمين ضد أخطار الاستثمار لدعمه في عملية إعادة الإعمار، توسيع برنامج التأمين الصحي على صعيد التغطيات التأمينية وشبكة مقدمي الخدمة وطرق إدارة النفقة الطبية، ايجاد بديل وطني لشركات الإعادة الأجنبية بالتعاون مع شركة الاتحاد العربي لإعادة التأمين والاتحاد السوري للتأمين، وافتتاح مكاتب جديدة في المناطق الآمنة لتلبية حاجات المواطنين التأمينية.
8-ما هي أولويات شركات التأمين حالياً وكيف ترون آفاق صناعة التأمين في سورية؟
تتمثل الأوليات في دعم الملاءة وإيقاف تآكل رأسمال (الصمود وايجاد القدرة على متابعة التواجد في السوق خلال فترة الأزمة)، لاسيما وأن المرحلة المقبلة التي ستبدأ فيها إعادة الإعمار ستتطلب من شركات التأمين ممارسة دورهان وستبرز الحاجة لأنواع مختلفة من الخدمات التأمينية، كالتأمين الهندسي- الحريق- النقل البحري، نتيجة أن العديد من القطاعات ستستعيد نشاطها، مثل عودة الحركة الطبيعية لعمليات الاستيراد والتصدير. كما ستفرض المرحلة المقبلة وجود أنواع جديدة من التأمين، مثل (تأمين الاستثمار) وهو منتج جديد تفكر المؤسسة بطرحه مستقبلاً، تأمين المقاولات، وكلها خدمات تأمينية ستحتاج إليها الشركات الأجنبية التي ستساهم في إعادة الاعمار. وتعد المؤسسة في هذا المجال من أكثر الشركات خبرة وكفاءة وملاءة، وتستطيع قيادة السوق بالتعاون مع كل الشركات ومكونات السوق، وصولاً لتحقيق أهدافه في خدمة المجتمع وليكون رافعة أساسية للاقتصاد الوطني كما تطمح.
وفي ما يتعلق بالمرحلة الحالية، تتركز أولويات المؤسسة على تحقيق نقاط عدة منها، تحسين ظروف وشروط وأنشطة العمل التأميني لزيادة مرونته في التعامل مع ظروف الانفتاح والازدهار ومع ظروف الأزمة والحرب على حد سواء، ترتيب البيت الداخلي مالياً وأدارياً ومنح الصلاحيات اللازمة للتخفيف من مركزية الأعمال، وأحداث نظام عمليات مرن وقادر على استيعاب مستجدات العمل التأميني، تكريس التناغم والتكامل مع باقي مكونات السوق السورية للتأمين، كالاتحاد السوري وهيئة الاشراف واتحاد الوكلاء، العمل على إقرار قانون للتأمين عموماً وقانون للتأمين الصحي، واستمرار العمل على معالجة المعوقات التي واجهت وتواجه برنامج التأمين الصحي بعد مرور فترة كافية على تطبيقه، وصولاً إلى الفائدة والأهداف المرجوة لصالح المواطن والمؤسسة معاً.
مجلــــة البنك والمستثمر
العــــدد 191 _ شهر تشرين الثاني 2016
تعليقات الفيسبوك