النزاعات والحروب تدّمر اقتصادات المنطقة

اعتبرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد أن اقتصادات دول منطقة الشرق الأوسط مدمرة بسبب النزاعات والحروب التي أدت الى تشريد أكثر من 20 مليون نازح وعشرة ملايين لاجئ، وتدمير معظم وسائل الانتاج في مناطق النزاع، مشيرةً الى ان الخسائر على مستوى الثروات والعائدات هائلة في حين يضعف رأس المال البشري بسبب نقص العمل والتعليم.

وأكدت لاغارد خلال مدونة لها  ان على دول المنطقة ان تعمل قدر الامكان على الحفاظ على عمل المؤسسات الاقتصادية ومنح الاولوية للنفقات المخصصة لإيواء الفئات الاشد هشاشة وحمايتها والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي من خلال التصدي للتضخم والابقاء على احتياطيات نقدية كافية.

هبوط حاد في الناتج الاقتصادي
وفي دراسة حديثة حلل صندوق النقد الصراعات في 179 دولة منذ عام 1970 لتحديد التكاليف الاقتصادية وخلص إلى أن انخفاض الناتج الاقتصادي في سورية وليبيا واليمن حيث تدور حروب تجاوز بكثير المتوسط العالمي في السنوات الأخيرة. وبعد خمس سنوات من الحرب انخفض الناتج المحلي الإجمالي في سورية إلى أقل من النصف مقارنة مع المستويات التي كان عليها قبل الصراع في عام 2010 بينما فقدت اليمن ما بين 25 و35 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي في 2015. وقال: إن الناتج المحلي الإجمالي في ليبيا التي تعتمد على النفط انخفض بنسبة 24 في المئة في 2014.

وبعد ثلاث سنوات من الصراع عانت دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي مزقها القتال من خسارة في ناتجها المحلي الإجمالي تراوحت بين 6 و15 نقطة مئوية في المتوسط مقارنة مع متوسط عالمي يتراوح بين أربع وتسع نقاط مئوية بحسب الدراسة.

وتعاني الدول المجاورة لمناطق احتدام الصراع من انخفاض الناتج المحلي الإجمالي السنوي بواقع 1.4 نقطة مئوية في المتوسط على المستوى العالمي مع انخفاض أكبر بواقع 1.9 نقطة مئوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

تداعيات أزمة النزوح
وقال صندوق النقد: إن نزوح أكثر من نصف سكان سورية – 6.6 مليون في الداخل وأكثر من خمسة ملايين هاجروا إلى دول أخرى- أدى إلى تفاقم الخسائر الاقتصادية وزاد بشكل حاد من الفقر والبطالة والتسرب من المدارس في الدول التي كانت تعاني بالفعل. والعديد من اللاجئين عمال مهرة تركوا بلدانهم التي تشهد صراعات في استنزاف كبير للعقول. وعلى النقيض من أوروبا حيث كان لتدفق المهاجرين من سورية واليمن أثر اقتصادي محدود وبعض الآثار الإيجابية فإن الهجرة كان لها أثر أكثر ضررا في الدول المضيفة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحسب الدراسة.

وفي لبنان تسبب تنافس المهاجرين على العمالة غير الرسمية في انخفاض الأجور في مختلف قطاعات الاقتصاد وهو ما شكل ضغطا على الخدمات العامة بما في ذلك الخدمات الصحية والتعليم.
وبحسب الدراسة تقدر الأضرار المادية في البنية التحتية حاليا بنحو 137.8 مليار دولار في سورية وأكثر من 20 مليار دولار في اليمن مما يمثل تحديا طويل الأجل لصناع السياسات وهو ما قلص حجم التجارة والإنتاج في الدول المجاورة. وقالت الدراسة: إن الأولوية القصوى للصندوق وغيره من الشركاء الخارجيين الآخرين هي توسيع نطاق المساعدات الإنسانية في مناطق الصراع والدول المجاورة التي تستضيف لاجئين من خلال المنح والقروض الميسرة قدر المستطاع.

وأكد التقرير على أهمية أن تحافظ الدول التي تمزقها الصراعات وتلك المجاورة لها على كفاءة عمل المؤسسات وبخاصة البنوك المركزية على أن تستخدم تلك المؤسسات بدورها السياسة النقدية والسياسات المتعلقة بسعر الصرف لتعزيز الثقة في إمكانياتها الاقتصادية.

 

مجلــــة البنك والمستثمر
العــــدد 190
تشرين الأول