تقرير : الحاويات البحرية ودورها في التغير البيولوجي
على مدى العقود الماضية، شهد العالم العديد من حالات التغير البيولوجي لاسيما غزو الحشرات والفطريات العابرة للحدود، حيث دمرت محاصيل زراعية وقضت على أنواع من النباتات علاوة على ضررها على الاقتصاد العالمي ككل.
ولم تكن التسربات البيولوجية تحظى بكثير من الاهتمام العالمي، بالرغم من أنها تشكل تهديداً أكبر على المدى البعيد.
تسرب بيولوجي
تطول القائمة عند الحديث عن تنقل الحشرات والفطور والآفات بين الدول، ففي بداية القرن العشرين، قضى فطر غريب على مليارات أشجار الكستناء الأميركية مما أثر بشكل كبير على المشهد البيئي. وربما كانت أخطر التسربات مع وصول كائنات حية دقيقة تشبه الفطر تدعى “فيتوفثورا إنفستنس” أي “مدمر النباتات” من الأميركيتين إلى بلجيكا ثم انتقلت إلى إيرلندا مسببة آفة البطاطا التي أدت إلى المجاعة والموت والهجرة الجماعية.
وفي مدغشقر تفشى مؤخراً حيوان علجوم القصب السام، قادماً عن طريق حاويات البضائع، ومع تنوع مدغشقر البيولوجي، أصبح الوضع كارثة حقيقية بسبب قدرة الإناث على وضع 40,000 بيضة سنوياً، ما يهدد حيوانات الليمور والطيور المحلية كما تشكل خطراً على موطن طبيعي للعديد من الحيوانات والنباتات.
طرق الانتشار
بالرغم من وجود طرق مختلفة تساعد هذه الأنواع الغازية من الوصول إلى موطنها الجديد، إلا أن الحاويات البحرية هو أحد الطرق الرئيسية لنقلها لاسيما أن90 % تقريباً من التجارة العالمية عن يتم نقلها عن طريق البحر.
على المستوى العالمي، هناك 527 مليون حاوية بحرية تقريباً تبحر كل عام. وتتعامل الصين وحدها مع أكثر من 133 مليون حاوية سنوياً. والمشكلة لا تقتصر على البضائع التي تنقلها الحاويات فقط وإنما تشمل أيضاً الحاويات الفولاذية التي قد تكون بمثابة عوامل لانتشار الأجناس النادرة القادرة على نشر الخراب البيئي والزراعي. فعلى سبيل المثال، أظهر تحليل أجري على 116,701 حاوية بحرية فارغة وصلت إلى نيوزلندا على مدى الخمس سنوات الماضية أن واحد من كل 10 حاويات كانت ملوثة من الخارج، وهذا ضعف نسبة تلوث الحاويات من الداخل. واشتملت الآفات على العثة الغجرية والحلزون الأفريقي العملاق والنمل الأرجنتيني والبقة البنية المرقطة. ويهدد كل نوع من هذه الآفات المحاصيل والغابات والبيئات الحضرية.
تأثر الاقتصاد العالمي
إن الضرر الذي تحدثه هذه الآفات يتجاوز قضايا الزراعة وصحة الإنسان، إذ يمكن أن تسبب هذه الأنواع الغازية انسداد الممرات المائية وإغلاق محطات توليد الكهرباء. ووفقاً لإحدى الدراسات فإن الغزو البيولوجي يسبب وقوع خسائر في نشاط الاقتصاد العالمي تصل إلى 5 % تقريباً أي ما يعادل قيمة الخسائر التي تسببها الكوارث الطبيعية خلال عقد من الزمن. وفي تعليقه على الموضوع، قال منسّق أمانة الاتفاقية الدولية لوقاية النباتات في منظمة الفاو كريغ فيدتشوك: إن خسارة المحاصيل وتكاليف المكافحة التي سببتها الآفات الغريبة أدت إلى ارتفاع باهظ في تكاليف إنتاج الغذاء والألياف الأعلاف. فقد ساهمت ذبابة الفاكهة والخنافس والفطريات وغيرها من الآفات في تقليل إنتاج المحاصيل الزراعية العالمية بنسبة تتراوح بين 20 % و40 %.
خطة عمل للصحة النباتية
وسعياً لوضع حلول لهذه الآفات، تبنت هيئة تدابير الصحة النباتية في العام الماضي توصيةً تشجع منظمات حماية النبات الوطنية للتعرف على المخاطر التي تشكلها الحاويات البحرية والإبلاغ عنها ودعم تنفيذ النصوص ذات العلاقة في ميثاق الأمم المتحدة الخاص بممارسات تعبئة وحدات نقل البضائع. ومن شأن هذا أن يساعد المعنيين على تطبيق نظام يعالج هذه القضايا من دون أن يوقف حركة التجارة، ممثلاً برافعات أوتوماتيكية قادرة على تفريغ وتحميل الحاويات في غضون 20 ثانية في ميناء من الحجم المتوسط. وهناك توافق واسع على أن المخاطر كبيرة وتتطلب خطوات لمعالجتها، والوضع الآن هو وضع انتظار وترقب ريثما يقوم المعنيون باتخاذ خطوات طوعية وتنفيذ الإجراءات الحالية بدقة. واعتماداً على نجاح هذه الجهود، ستبحث اللجنة إمكانية وضع معيار دولي في المستقبل.
مجلــــة البنك والمستثمر
العــــدد 190
تشرين الأول
تعليقات الفيسبوك