“قمة باريس الاقتصادية” والشراكة الفرنسية الافريقية

تؤسس القمة الاقتصادية التى تستضيفها العاصمة الفرنسية باريس فى الثامن عشر من الشهر الجاري، بمشاركة عدد كبير من زعماء الدول الافريقية والأوروبية من بينهم الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لمرحلة جديدة من الشراكة الاقتصادية الفرنسية الافريقية رغم تحديات جائحة فيروس كورونا التى أثرت سلبا على النمو الاقتصادى العالمي.

وسوف يشارك بالقمة عدد كبير من زعماء ومسئولى دول القارة الأفريقية من بينها مصر ،وساحل العاج والسنغال والكونغو الديمقراطية والكونغو برازافيل ونيجيريا ورواندا وجنوب إفريقيا وكينيا وغينيا وموزمبيق، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى موسى فقيه، بالاضافة إلى هولندا وألمانيا و ممثلى عدد من مؤسسات التمويل الدولية وعلى رأسها بنك التنمية الإفريقي والمديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولى كريستالينا جورجيفا ورئيس بنك الاستثمار الأوروبى فيرنر هويار، ورئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ، والبنك الأوروبى للإنشاء والتنمية، وعدد من مسئولى الدول الأوروبية ومجموعة السبع الصناعية الكبيرى ومجموعة العشرين.

كما ستتم دعوة الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي وعدّة مصارف عامة دولية للمشاركة فى القمة .
وتهدف القمة التى تعقد تحت شعار “تمويل اقتصاديات إفريقيا “إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين فرنسا والدول الافريقية ، والتعاون لمواجهة تداعيات جائحة فيروس كورونا . كما تستضيف العاصمة الفرنسية ايضا قمة أخرى فى يوليو القادم لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه فى قمة باريس.
ويسعى الرئيس الفرنسى ماكرون من خلال انعقاد تلك القمة لتعزيز علاقات بلاده مع الدول الإفريقية الكبرى، بخلاف الدول الأعضاء فى تجمع الفرانكوفونية بالاضافة الى توفير دعم كبير للدول الافريقية المتضررة من جائحة كورونا.

ووفقا للاليزيه ، تستهدف القمة الاقتصادية تعزيز جهود الدول الافريقية التى تضررت اقتصادياتها جراء جائحة كورونا، حيث تتضمن أجندة القمة عددا من الموضوعات الهامة من بينها مناقشة سبل إسقاط الديون الإفريقية فى ضوء دعم الرئيس ماكرون فى إبريل الماضى لإسقاط الديون أو توفير دعم استثنائى من صندوق النقد الدولى من خلال ما يسمى آلية”حقوق السحب الخاصة”، بالاضافة إلى توفير الدعم للقطاع الخاص الإفريقى.
وكان عدد كبير من الزعماء الأفارقة المقرر مشاركتهم فى قمة باريس قد وجهوا دعوة لتوفير الدعم للقارة الإفريقية لمواجهة جائحة كورونا.
وتدعم الحكومة الفرنسية اقتراحا يتعلق بقيام صندوق النقد الدولى بإعادة تخصيص “حقوق السحب الخاصة “للدول الإفريقية وهى أدوات للتبادل يمكن أن تستخدم فى تمويل الواردات.

ويعتزم صندوق النقد الدولى ايضا مناقشة اصدار “حقوق سحب خاصة “بقيمة 650 مليار دولار من بينها 34 مليارا لإفريقيا.
من جانبه، أعلن قصر الاليزيه أن تلك المخصصات المالية ليست كافية لدعم الدول الفقيرة ومن بينها الافريقية مقترحا إمكانية مناقشة اعادة تخصيص “حقوق السحب الخاصة” بالدول الكبرى لمساعدة الدول الفقيرة، كما اقترح بأن يقوم صندوق النقد الدولى ببيع مخزون من الاحتياطى الذهبى لتمويل خطة توفير قروض بدون فوائد لدول القارة الإفريقية، والإعفاء من الديون من خلال تجميع ممثلى الدول المقرضة والمقترضة والمؤسسات المانحة على مائدة التفاوض .

وجاءت مبادرة الرئيس الفرنسي لعقد مثل هذه القمة لجذب الاستثمار إلى إفريقيا وبحث استراتيجية تمويل أكثر شمولاً بما في ذلك التدفقات الخارجية لتعزيز الجاذبية الاقتصادية لأفريقيا، وخاصة في القطاع الخاص.

ومن ناحية اخرى تسعى فرنسا من خلال القمة الى إعطاء التنمية دوراً محورياً في سياستها الخارجية، وتعزيز صورتها في القارة الافريقية من خلال إعطاء الأولوية لتقديم المنح أكثر من القروض.

وتشير الاحصائيات الى ان اجمالى حجم المساعدات التنموية التي قدمتها فرنسا الى الدول الافريقية عام 2019 بلغ نحو 10.9 مليار يورو.
كما خصص صندوق النقد الدولي 23 مليار دولار في شكل تمويل مباشر إلى الدول الواقعة جنوبي الصحراء في أفريقيا التي انكمش اجمالى نموها الاقتصادى بنحو 9ر1 فى المائة في 2020.

وفى السياق ذاته اكد وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لومير، إن قمة فرنسا افريقيا الاقتصادية ستناقش كيف يمكن للدول النامية خصوصا في أفريقيا، أن تلحق بركب التعافى الاقتصادى بعد جائحة “كورونا لافتا الى ان القمة ستبحث ايضا دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في افريقيا بما يشمل تقديم ضمانات قروض.

ومن جهة اخرى يعقد الرئيس ماكرون بالعاصمة الفرنسية عشية القمة مؤتمرا لدعم الانتقال السياسي في السودان يوم الاثنين القادم بمشاركة رئيس مجلس السيادة السوادانى عبد الفتاح البرهان ، ورئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، لدعم الفترة الانتقالية في السودان.
وسوف يلقى رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، كلمة خلال الجلسة الأولى لمؤتمر «باريس»، ويستعرض خلالها الإصلاحات الاقتصادية في البلاد، كما سيتحدث في الجلسة ذاتها، جهاد أزعور، مدير قسم شمال أفريقيا والشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي، وحافظ غانم، نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة شرق وجنوب أفريقيا.

وتؤكد المؤشرات ان قمة باريس الاقتصادية سوف تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الاقتصادى بين فرنسا والدول الافريقية رغم تحديات جائحة كورونا والتراجع فى معدلات النمو الاقتصادى العالمى مدعومة بسريان اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الافريقية والتى تعتبر الاكبر على المستوى العالمى منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية عام 1995 ، حيث يبلغ عدد مستهلكيها 2ر1 مليار شخص، وناتجها المحلى الاجمالى حوالي 4ر3 تريليون دولار، أى ثلاثة فى المائة من الناتج الإجمالي العالمي. كما تسهم منطقة التجارة الحرة القارية الافريقية فى زيادة حجم التجارة البينية الافريقية من 17 فى المائة الى 60 فى المائة بحلول عام 2022، وتقليص السلع المستوردة بشكل رئيسى، وبناء القدرات التصنيعية والانتاجية وتعزيز مشروعات البنية التحتية بالقارة الافريقية و خلق سوق قارى موحد للسلع والخدمات وتسهيل حركة المستثمرين ورجال الاعمال بما يمهد الطريق لانشاء اتحاد جمركى موحد بالقارة السمراء.

تعليقات الفيسبوك

اضف تعليق