إقرار سلفة 200 مليون دولار لكهرباء لبنان..

أقرّت اللجان النيابية المشتركة في جلسة عقدت، اليوم الثلاثاء، في البرلمان إعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة بقيمة 200 مليون دولار أميركي من البنك المركزي بعد اعتراض حزبي “القوات اللبنانية” و”التقدمي الاشتراكي” وتصويتهما ضدّ اقتراح القانون المكرر المعجل الذي تقدّم به “التيار الوطني الحر” برئاسة النائب جبران باسيل. إذ خفّضت اللجان قيمة السلفة التي طلبها نواب “التيار الوطني الحر” إلى مؤسسة الكهرباء من 1500 مليار ليرة لبنانية، أي ما يعادل مليار دولار أميركي، إلى 200 مليون دولار، وأجرت تعديلاً في النصّ المقترح، بحيث تستخدم المساهمة المالية لتغطية شراء الفيول فقط.

ويرى النواب الذين صوتوا مع تخفيض السلفة أنّ المبلغ يكفي الآن لفترة شهرين أو ثلاثة أشهر إلى حين تشكيل حكومة جديدة تضع برنامجاً إصلاحياً واضحاً وشفافاً يتولى تنظيم قطاع الكهرباء الذي يتوقف الدعم الدولي له على جملة شروط تتضمن مكافحة الفساد والهدر.

ويأتي اعتراض حزبي “القوات اللبنانية” و”التقدمي الاشتراكي” انطلاقاً من رفضهما ما وصفاه بالابتزاز الحاصل بتخيير اللبنانيين بين العتمة أو السلفة، التي ما هي إلا محاصصة جديدة ستتبعها مساهمات مالية لاحقة وتكرار للفشل في حلّ أزمة الكهرباء بعد سنوات من سوء الإدارة الذي أنتج عتمة شاملة.

ويقول غسان بيضون، المدير العام السابق للاستثمار في وزارة الطاقة والمياه: إنّ “من الطبيعي توفير الحدّ الأدنى من المبلغ في بلد يعيش حالة من الإفلاس”، لافتاً إلى أنّ “المسؤولين عن قطاع الكهرباء يعرفون تماماً أنهم وصلوا إلى مأزق كبير وطريق مسدود في وزارة الطاقة، وذلك نتيجة سوء الإدارة والنهج الذي لا يستوعب قانون أو شفافية، بل يسير وفق ممارسات تقوم على الغش والاحتيال والضغط والابتزاز”.

ويرى بيضون أنّ “الاتفاق على تقليص السلفة ليس مرتبطاً فقط بعدم قدرة الدولة على توفير المال اللازم، بل لأن هناك مطالبات بتنفيذ القوانين والقيام بإجراءات هي جدّ بديهية، منها تشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء التي هي أيضاً مطلب دولي أوروبي كشرط للمساعدة”.

ويؤكد أنّ “المشكلة تكمن في كيفية تأمين الأموال بعد إقرار السلفة، حيث إن مصرف لبنان المركزي، كان قد أعلن نفاد احتياطاته من الدولارات من غير أموال المودعين التي لا يمكن أن يمد يده عليها، وهي المعرضة دائماً للهدر والنهب، إلّا إذا كان لدى مصرف لبنان ما لا نعرفه”.

ويلفت إلى أن “كل سلف الخزينة التي أعطيت لتسديد عجز المحروقات أتت مخالفة لقانون المحاسبة العمومية، بحيث شابت كل المعالجات ضروب الغش والخداع، إضافة إلى أن الخزينة مفلسة ولا موجودات فيها لرد قيمة السلفة”.

ويشدد بيضون على أنّ “هناك خشية حقيقية من المسّ بما بقي لدى المركزي من احتياطي يعود للمودعين، في المقابل، يجب أن يبدأ الحلّ بتطبيق القوانين وإعادة كهرباء لبنان إلى الانتظام المالي، وعدم التصرف بأي قرش من الاعتماد المفتوح من خارج ثمن المحروقات، واستكمال عملية ضمّ المنشآت إلى المديرية العامة للنفط التي باتت للأسف حديقة خلفية للصفقات والتوظيف السياسي، وغيرها من الحلول والمعالجات الشفافة، على أن تقدم مؤسسة الكهرباء حساباتها النظامية إلى ديوان المحاسبة، ويتم إبلاغ المجلس النيابي بالمنجز منها تباعاً”.

من جهته، يشير الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين، إلى أنّ العجز في القطاع بلغ منذ عام 1992 وحتى نهاية عام 2020 هو أربعون مليار دولار، وهو يعود إلى ثلاثة أسباب أساسية. الأول مرتبط بأنّ التعرفة أقلّ من الكلفة، حيث إنها محددة وثابتة منذ يوليو/ تموز 1994 وتشكل أقلّ من 10% من كلفة دعم الكهرباء التي تقدَّر بنحو 900 مليون دولار سنوياً تبعاً لأسعار النفط العالمية.

 ويلفت إلى أنّ الكهرباء الموزعة هي إما مسروقة أو لا تُجبى فواتيرها، إذ هناك هدر فني بنسبة 13%، وتقدَّر الكلفة بنحو 250 مليون دولار. أما السبب الثالث، فيعود إلى صفقات الفيول، ويقدَّر الهدر فيها بـ150 مليون دولار سنوياً.

ويعتبر شمس الدين أن المشكلة في الكهرباء تكمن في الدعم، حيث لا قدرة لأحد منذ 25 عاماً على توقيفه ورفع سعر الكهرباء الذي يحقق التوازن المالي ويخفف الاستهلاك بشكل كبير.

ويضيف: “لبنان يحتاج إلى 3000 ميغاواط سنوياً، ولكن في حال رفع التعرفة ووقف السرقة، فإنّ الحاجة ستنخفض إلى 2200 ميغاواط، ما من شأنه زيادة التغذية بالكهرباء. من هنا، إنّ أزمة الكهرباء بحاجة إلى قرار وجرأة في اتخاذه وتنفيذه”.

تعليقات الفيسبوك

اضف تعليق