غضب شعبي من خطط الصين لرفع سن التقاعد
تبذل الصين مجهودات جديدة لرفع سن التقاعد الذي يعدُّ الأدنى في العالم في محاولة لمسايرة شيخوخة السكان السريعة، وهي خطوة تغذي بالفعل الاستياء الشعبي، وسوف تختبر قدرة الحزب الشيوعي على تطبيق الإصلاحات.
ولمَّح الحزب الحاكم للتغييرات أوائل الشهر الجاري، عندما أعلن عن الخطوط العريضة لخطته الاقتصادية الخمسية، التي تتضمَّن توصيات “بتطبيق تأجيل لسن التقاعد”، ومن المقرر الإعلان عن تفاصيل تدابير الخطة في مارس.
المعاشات
وبالرغم من ارتفاع متوسط العمر المتوقَّع، ظل سن التقاعد في الصين ثابتاً منذ أكثر من أربعة عقود عند 60 للرجال، و55 للنساء للعمال أصحاب الياقات البيضاء، أي الذين يقومون بعمل ذهني، وليس بدنيَّاً، وفي أماكن مثل اليابان وتايوان، يمكن أن يتقاعد أغلب الرجال والنساء، ويبدأون في تلقي المعاشات في سن الـ65، ويبلغ المتوسط العالمي 62.7 عاماً للرجال، و61.3 للنساء، وفقاً لتحليل أجرته شركة التأمين “أليانز ” على 70 دولة.
وأثار تصريح الحزب الشيوعي ردَّ فعل عنيف محليَّاً، ونشر عشرات الآلاف تعليقات غاضبة على “ويبو “، النسخة الصينية من “تويتر” ، وكانت أغلب الشكاوى من الأشخاص الذين اقتربوا من سن التقاعد، وأعربوا عن غضبهم من احتمالية تأجيل حصولهم على المعاشات، وجادل السكان الشباب في أنَّ زيادة عدد العاملين الأكبر سناً، سيقلل فرص توظيفهم.
ويقول الخبراء، إنَّ رفع سن التقاعد الذي يصبح العاملون مؤهلين فيه للحصول على المعاشات المدعومة من الحكومة ضرورياً لضمان استدامة نظام التقاعد، وقدَّرت الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، وهي مركز أبحاث حكومي، في تقرير العام الماضي أنَّ صندوق التقاعد الرئيسي للعاملين في المدن، سوف يصل لذروته عند 7 تريليون دولار 2027 قبل أن يتراجع إلى الصفر مع حلول 2035، وكان الرصيد في 2019 عند 4.3 تريليون دولار
وعلاوة على ذلك، سوف يساعد رفع سن التقاعد الصين للمحافظة على النمو الاقتصادي من خلال إبطاء معدل تقلُّص السكان في سنِّ العمل نتيجة انخفاض معدل المواليد، وتقدِّر بكين أنَّ عدد الأشخاص الذين يبلغون 60 عاماً، سيصل إلى 487 مليوناً مع حلول 2050، بالمقارنة بمع 254 مليوناً العام الماضي.
الخطة الخمسية
وشهدت الصين طفرة مواليد في أوائل ستينيات القرن الماضي، مما أدى إلى وجود حوالي 200 مليون شخص، سيبلغون 60 عاماً في العِقد المقبل، ونتيجة ذلك، لاخيار أمام قادة الصِّين إلا برفع سن التقاعد خلال الخطة الخمسَّية، التي تبدأ في 2021، وفقاً لوانج فينج، خبير ديموجرافي في جامعة كاليفورنيا في إرفاين.
وأضاف: “سوف يبلغ عدد هائل من الأشخاص هذا السن في السنوات الخمس المقبلة.. وإذا لم تتصرف السلطات الآن، فسوف يُفرض عليها عبءٌ ماليٌّ هائلٌ”.
وتسبَّبت ردة الفعل الشعبي في إلغاء مقترح سابق لرفع سن التقاعد في 2012، وكانت وزارة الموارد البشرية والضمان الاجتماعي الصينية، التي تشرف على المعاشات، قد أدرجت توصية لرفع سن التقاعد في الخطة الاقتصادية الخماسية التي تنتهي في 2020، ولكن لم يتم تنفيذها.
إصلاح نظام التقاعد
وقال “وانج” إنَّه على الرغم من أنَّ الوزارة سوف تُكلَّف بوضع مقترح مُفَصَّل لتطبيق الرفع، فلا يزال يتعين على أكبر قادة الحزب الشيوعي، أن يوقعوا على إصلاحات نظام التقاعد.
ويرى “وانج” أنَّ القادة قد يطبقون الإصلاحات تدريجياً في محاولة تقليل الاستياء الشعبي من خلال إدخال التغييرات على بعض المهن والمناطق قبل غيرها.
واقترحت “وانج شينمي”، خبيرة اقتصادية بشؤون المعاشات في جامعة جيجيانج، خيارات عدة، يمكن تبنيها كذلك، وقالت: “يمكن البدء ببعض الخطوات السهلة، مثل السماح للأشخاص الأَكفاء الذين يرغبون في مواصلة العمل، أن يعملوا لسنوات إضافية طوعاً، وأحد الخيارات الأخرى، يتحدد في زيادة سنِّ التقاعد سنة واحدة كل عام، بالرغم من أنَّ ذلك سيكون سريعاً “للغاية”، وبالتالي، يمكن أن نزيد السنوات بوتيرة أسرع في المرحلة الأولى، ثم بوتيرة أبطأ في المرحلة اللاحقة “.
تعليقات الفيسبوك