أرض الميعاد.. تفاصيل مثيرة بكتاب أوباما الأخير
تناول الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في كتابه “أرض الميعاد” عدة قضايا مثل قرار قتل أسامة بن لادن ومواضيع أخرى تخص مصر والسعودية والإمارات والثورات العربية، وكان لموعد صدور الكتاب بعد الانتخابات الأمريكية تأثير على الرئيس الجديد جو بايدن.
بعنوان لافت وقضايا مثيرة حول الشرق الأوسط والسياسة الخارجية الأمريكية، فجَّر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الذي تولى الحكم قبل الرئيس السابق دونالد ترمب، في الفترة بين عامَي 2009 و2017، جدلاً واسعاً في اليوم الأول الذي طرح فيه مذكراته بكتاب “أرض الميعاد”، إذ تناول عدة قضايا مثل قرار قتل أسامة بن لادن والأزمة المالية العالمية.
ويوضح الكتاب كيف أقنع أوباما الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك بالتنحي، وتفاصيل مثيرة حول السعودية والإمارات، ليبيع نحو 890 ألف نسخة في الولايات المتحدة وكندا في أول 24 ساعة، مما يضعه في “المسار الصحيح” ليصبح المذكرات الرئاسية الأكثر مبيعاً في التاريخ الحديث، حسب ما جاء في صحيفة “ذا غارديان” البريطانية.
وتقول الصحيفة إن تفاصيل هذا الكتاب تصدَّرت عناوين الصحف، بعد أن ركز على لحظات مهمة في حياته الرئاسية والأحداث العالمية.
ترمب وأوباما.. تناقضات
وتساءلت الغارديان: “من خلال الكتاب يمكنك التحديق في هاوية بين طرفين متناقضين للإنسانية، والتساؤل مرة أخرى كيف جاء البلد نفسه لاختيار رجلين متباينين من هذا القبيل (أي أوباما وترمب)، وكيف يبدو أن الديمقراطية في البلاد تتأرجح على شفا أزمة”.
ويوضح الكتاب تعليم أوباما السياسي ورحلته إلى أن أصبح الرئيس الـ44 للولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك “اللحظات المهمة لولايته الأولى التاريخية كرئيس”، حسبما أعلنت دار نشر “بنغوين راندوم هاوس” في بيان.
وقال أوباما في بيان: “لقد حاولت تقديم رواية صادقة لحملتي الرئاسية والفترة التي قضيتها في المنصب: الأحداث المهمة والأشخاص الذين شكلوها ووجهة نظري فيما قعلته بشكل صحيح والأخطاء التي ارتكبتها والقوى السياسية والاقتصادية والثقافية التي واجهتها أنا وفريقي آنذاك وتلك التي لا نزال نواجهها كدولة حتى الآن”.
وتشير “ذا غارديان” في تقرير آخر لها إلى “أن الضربة التي حدثت من الرئيس 44 إلى 45 لم تكن مصادفة”، فمجرد حقيقة أن رجلاً أسود بارعاً وذكياً وخالياً من الفضائح يسكن البيت الأبيض كان كافياً لإثارة نقيضه.
وتضيف الصحيفة: “يأخذنا الكتاب من الطفولة إلى مقتل أسامة بن لادن في مايو/أيار 2011، إذ نتعمق في أحداث وقرارات معينة بدرجة من التفاصيل قد تدفع بعض القراء إلى التساؤل عما إذا كانت توجد بقعة مشتركة بين رئاسة ترمب بشكل صريح وإدارة أوباما الجادة”.
“أرض الميعاد” وانعكاسه على بايدن
ويقدم الكتاب بإسهاب السيرة الذاتية السياسية لأوباما، ويوفر رؤية دقيقة لمجريات الأحداث العالمية من مقعد القيادة في السلطة.
فهو يصف على سبيل المثال الجهد المبذول في مكافحة اضطراب الرحلات الجوية الطويلة مع الحفاظ على جو من الاهتمام بخطب القادة الآخرين في مؤتمرات القمة الدولية. وحين كان أوباما في رحلة إلى البرازيل عندما أمر بأول تدخل عسكري له في ليبيا، “في النهاية يتعامل الرئيس مع هاتف خلوي عادي “ربما جرى استخدامه أيضاً لطلب البيتزا” لإيصال أمر غامض إلى جنرال في واشنطن، حسب الصحيفة.
بعد شهرين، عندما يتعلق الأمر بالإغارة على أسامة بن لادن في باكستان، يتخذ الرئيس القرار النهائي بمفرده في غرفة المعاهدات بالبيت الأبيض، مع تشغيل لعبة كرة السلة في الخلفية. لقد نشر الكتاب بالفعل أخباراً من خلال تأكيد أن جو بايدن نصح بعدم إتمام الغارة، وهي حقيقة كانت ستؤذي بلا شك الرئيس المنتخب إذا جرى النشر قبل بضعة أسابيع من الانتخابات.
في سياق آخر، تقول الصحيفة إن “أوباما قدَّم رسومات مثيرة للاهتمام لزملائه القادة. ديفيد كاميرون مهذب وواثق، على الرغم من أنه مشبع بالثقة السهلة لشخص لم تتعرض حياته لضغوط شديدة”.
الشرق الأوسط.. حكام مستبدون
وعرض باراك أوباما صورة قاتمة لكثير من قيادات الشرق الأوسط في مذكراته الجديدة، التي يقول فيها إنه لا يزال يخشى أن الضغوط التي مارسها خلال الربيع العربي لم تكن دائماً موضوعية، كما أعاد التفكير في الانتقادات التي وجهت إليه وعدَّته منافقاً، لأنه أقنع رئيس مصر الراحل حسني مبارك بالتنحي في مواجهة احتجاجات عام 2011، بينما تساهل مع البحرين وهي قاعدة رئيسية للقوات الأمريكية.
وكتب أوباما: “لم تكن لدي طريقة رائعة لشرح التناقض الواضح، بخلاف الاعتراف بأن العالم كان في حالة فوضى وأنه لدى ممارسة السياسة الخارجية كان عليَّ أن أواصل الموازنة بين المصالح المتنافسة”.
ويتحدث أوباما في الكتاب عن تحذير ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان من الضغط على البحرين.
وبعد لقاء مبارك في عام 2009 بالقاهرة، كتب أوباما أنه خرج بانطباع سيصبح مألوفاً جداً في تعامله مع الحكام المستبدين المسنين قائلاً: “يعيشون في عزلة بقصورهم، وكل تفاعل لهم يجري بوساطة موظفين جامدي المشاعر وخنوعين يحيطون بهم، لم يكونوا قادرين على التمييز بين مصالحهم الشخصية ومصالح شعوبهم”.
وخلال الرحلة نفسها في القاهرة، تكونت لدى أوباما صورة قاتمة عن السعودية وفصلها الصارم بين الجنسين وقوانينها الدينية، وقال إن القصر حاول منحه مجوهرات فاخرة.
وكتب أوباما أنه صُدم من الشعور بالقمع والحزن الذي يولده مثل هذا المكان الذي يمارس الفصل، وقال: “كأنني دخلت فجأة إلى عالم أُسكتت فيه كل الألوان”. وقال أوباما إنه كان على دراية بالمخاطر عندما دفع مبارك علناً إلى التنازل عن السلطة، لكنه اعتقد أنه لو كان شاباً مصرياً، لربما كان هناك بين المتظاهرين.
وأضاف أوباما: “قد لا أتمكن من منع الصين أو روسيا سحق معارضيهما، لكن نظام مبارك تلقَّى مليارات الدولارات من دافعي الضرائب الأمريكيين، لقد زودناهم بالأسلحة وتبادلنا معهم المعلومات وساعدنا في تدريب ضباطهم العسكريين، وبالنسبة إليَّ فان السماح لمتلقي تلك المساعدات لشخص نسميه حليفاً بارتكاب أعمال عنف وحشية ضد المتظاهرين السلميين أمام أنظار العالم كله، كان ذلك خطأ لم أرغب في عبوره”.
علاقة أوباما بإسرائيل
جمعت أوباما علاقات متوترة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خصوصاً في ما يتعلق بالاتفاق النووي الذي توسطت فيه الولايات المتحدة مع إيران، والذي لم يتناوله في الكتاب الذي يغطي الأحداث حتى عام 2011.
ويقول أوباما عن نتنياهو: “لكن رؤيته لنفسه على أنه المدافع الأول عن الشعب اليهودي في وجه المحن، سمحت له بتبرير أي شيء تقريباً من شأنه أن يبقيه في السلطة، كذلك فإن معرفته بعالم السياسة والإعلام في الولايات المتحدة أعطته الثقة في أنه يستطيع مقاومة أي ضغط يمكن أن تمارسه عليه إدارة ديمقراطية مثل إدارتي”.
وكان أوباما في كتابه صريحاً أيضاً حيال شعوره بالإحباط من اللوبي المؤيد لإسرائيل، المتمثل في لجنة الشؤون العامة الأمريكية-الإسرائيلية (إيْباك)، قائلاً إنها تحولت إلى اليمين تماشياً مع السياسة الإسرائيلية، وتساءل عما إذا كان قد أُخضع لتدقيق خاص باعتباره أمريكياً من أصل إفريقي.
وحصل أوباما على الأغلبية الساحقة من أصوات اليهود الأمريكيين، وكتب قائلاً إنه في نظر العديد من أعضاء مجلس إدارة إيْباك ظل موضع شك ورجلاً منقسم الولاءات.
تعليقات الفيسبوك