حرمان المساهمين من حقهم في الربح
إن الربح الذي تحققه الشركة المساهمة، هو بالمرتبة الأولى من حق مساهميها (دون غبن حقوق الآخرين طبعاً)، فهم ملاكها، ولابد من حصولهم على عائد هذه الملكية.
كما أن الكثير من هذه الشركات، ينص نظامها الأساسي على وجوب توزيع حد أدنى من الربح على المساهمين، حتى ولو أقتضى الأمر أن يكون التوزيع من الاحتياطي الخاص المكون في السنوات السابقة، فيما إذا لم يكن هناك أرباح محققة. ولكن للأسف تلتف العديد من الشركات المساهمة على موضوع توزيع الربح على المساهمين، لأسباب وحجج متعددة،
تبرر بعض الشركات تدوير الأرباح، وعدم توزيعها على المساهمين، بأن هناك توجيه من المصرف المركزي بعدم التوزيع، فهل يحق للمصرف المركزي التدخل بهكذا قرار؟ والضرب عرض الحائط بقرار مجلس إدارة شركة ما قرر توزيع الربح؟
ما أوردناه للتو ليس حالة افتراضية، وإنما واقع حصل مؤخراً في بعض البنوك الخاصة في القطر. واستتبع هذا التدخل من المصرف المركزي، أن اضطر معه مجلس إدارة الشركة (البنك) إلى العدول عن قرار توزيع ربح نقدي، الذي كان قد أفصح عنه سابقاً بمباركة من هيئة الأوراق والأسواق المالية (أجازت نشر الإفصاح عن قرار توزيع الربح النقدي على المساهمين، والذي نُشر في كل المواقع ذات الصلة وفي الصحف)، مما اضطر معه هذا المجلس للرضوخ لتوجيه المصرف المركزي وإلغاء قراره؟! كل ذلك حصل دون أدنى اعتبار للهيئة العامة للمصرف التي لم تنعقد حينها.
لن نتحدث هنا عن تضارب المواقف بين الجهات الوصائية وأثرها السلبي على نشاط الشركة وحساسية ذلك على سمعتها وسعر سهمها في السوق، وإنما سنكتفي بالقول أن ماحصل هو خطأ فادح لايجوز الوقوع فيه.
نعتقد أن خطأ المصرف المركزي ضاعفه خطأ مجلس إدارة الشركة. ففي موضوع توزيع الأرباح، ليس من حق المصرف المركزي الأمر والنهي فيه، وكل ماعليه فعله –إن ارتأى ذلك- هو أن يوصي بذلك –دون أن يفرض- إلى مجلس إدارة الشركة، والتي بدورها تطرحه على النقاش العام في الهيئة العامة للشركة المساهمة؛ التي تعد صاحبة الحق والقرار القطعي في ذلك.
إن أحد أسس الحوكمة في الشركات المساهمة هو العمل على تحقيق نوع من الموائمة أو التوازن بين مصالح مختلف الأطراف. إن قرار إلغاء توزيع الربح النقدي، لاشك فيه مصالح للعديد من الأطراف، ولكنه في غير صالح المساهمين الذين لن يحصلوا على حقوقهم المشروعة، وخاصة عندما تدور هذه الأرباح ولايتم حتى توزيعها بشكل أسهم مجانية.
من المعروف أن العوائد الاقتصادية هي: ربح، أجر، فائدة، ريع. والقانون يضمن لجميع أصحاب هذه العوائد الحصول عليها. فعائد الموظف والعامل هو الأجر، فهل يمكن القول لهذا أننا لن نعطيك أجرك؟ وعائد أصحاب السندات هو الفائدة، فهل يمكننا القول أننا لن نعطيهم عوائد سنداتهم؟ أو حتى تأجيل موعد ذلك؟ وعائد أصحاب الأملاك المستأجرة هو الريع، فهل يمكننا القول أننا لن نعطيهم عوائد أملاكهم؟ فلماذا نمنع عن المساهم عائد ملكيته وهو الربح؟! هذا مخالف ليس فقط للقانون ولكن أيضاً للمنطق.
علاوة على كل ذلك لاننسى أن الإدارة التنفيذية للشركة، وأعضاء مجلس الإدارة يحصلون على كل تعويضاتهم -وبسخاء منقطع النظير- لايمنعهم من ذلك مانع. لابل أن أعضاء مجلس الإدارة يحصلون أيضاً (علاوة على تلك التعويضات) على مكافئات باهظة، كنسبة من هذا الربح المحقق، الذي حُرم منه المساهم؟! وهذه مفارقة غريبة عجيبة.
بقلم الدكتور “زياد زنبوعة”
تعليقات الفيسبوك