دافوس الاقتصادي: هل انتهت وظيفته الأصلية؟

كل عام يخرج منتدى دافوس عن وظيفته الأصلية التي انطلق منها في الأساس. فهو منتدى لرجال الأعمال ومنبر للأقوياء والأثرياء وقادة قطاع الأعمال والتجارة مع شخصيات قيادية بارزة في المجالات السياسية والأكاديمية والأعمال الخيرية ، حيث تطرح خلاله وتناقش مشاريع حيث يدفع أقطاب الاقتصاد ما بين 55 و550 ألف يورو ليكونوا أعضاء أو شركاء للمنتدى الاقتصادي العالمي. هذا العام ظهر منتدى دافوس 2020 في سويسرا في حلة مختلفة، إذ بات يجمع عناوين عدة تداخلت فيها قضايا العالم المتعددة والمتنوعة والأخطار التي تهدد الحياة البشرية بما في ذلك التغير المناخي وكذلك الصراع بين الدول وحروبها التجارية.

التغير المناخي ومشكلة الكوكب

كان اللافت في دافوس 2020 دعوة ناشطين شباب، منهم الناشطة الأسوجية المراهقة المدافعة عن المناخ غريتا تونبرغ، والتي اختارتها مجلة “تايم” الأميركية شخصية العام 2019 وفضلتها على مرشحين بارزين كالرئيس الأميركي دونالد ترامب وزعيمة الديموقراطيين نانسي بيلوسي. وصار المنتدى كأنه حقل مواعدة بين مسؤولين سياسيين واقتصاديين، وفق ما يوضح المفوض الأوروبي السابق الفرنسي بيار موسكوفيسي، علماً أن حضور رؤساء الشركات بقي غالباً، ومنهم رئيس شركة أوبر، دارا خسروشاهي.

المنتدى الاقتصادي العالمي الذي انطلق عام 1971، كان يهدف إلى “تحسين وضع العالم” بحسب وثائقه. وهو في الأساس يشكل فرصة لعقد اجتماعات خاصة تتناول قضايا مثل الاستثمار في البلدان، ولإبرام صفقات تجارية، فيما بدأت تستثمر شخصيات بارزة، المنتدى للتأثير في عملية تحديد أولويات السياسة العالمية والدفع بقضايا معينة إلى مقدمة الاهتمام العالمي. فمع حضور غريتا تونبرغ التي انتقدت المنتدى هذا العام 2020 لعدم تركيزه على المناخ وسجالها مع الأميركيين، كان لافتاً لأيضاً خطاب الأمير البريطاني وليم في نسخة العام الماضي 2019 عن الصحة العقلية، وأيضاً تحذيرات ديفيد أتينبورو الصارخة بشأن الحفاظ على البيئة وأثر التغيير المناخي. 

برنامج مغاير

استقطب المنتدى الاقتصادي العالمي هذه السنة الكثير من الشخصيات، لكن برنامجه لم يكن شبيهاً بالأعوام السابقة، التي كان يحضر فيها المنتدى نحو 3000 شخص، ثلثهم تقريباً من قطاع الأعمال. وبينما يعيش العالم أزمة اقتصادية سعى القائمون على دافوس الاقتصادي العالمي، إلى محو صورة “منتدى الأثرياء” عن نسخة هذا العام، إلا أن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وكذلك جدول القضايا المطروحة على أجندة المنتدى، رسخا مبدأ “لا وجود لغير الأقوياء”. وقد حاول الأميركيون فرض أجندتهم في هذا المنتدى الذي لم يخرج بنتائج ملموسة هذه السنة على عكس السنوات السابقة، وهو ما يطرح تساؤلات عما اذا كانت وظيفة المنتدى هي ذاتها مع الاصرار الأميركي على مصادرة كل شيء. فترامب أكد مثلاً ان الاقتصاد الأميركي هو الأقوى عالمياً، مشيرا إلى أن بلاده تشهد نمواً غير مسبوق، حيث استطاعت إدارته توفير أكثر من سبعة ملايين فرصة عمل، كما أن نسبة البطالة قد وصلت لمستوى هو الأدنى في تاريخ الولايات المتحدة. وهو أكد مجدداً قدرة الولايات المتحدة على المنافسة في سوق الطاقة العالمي، موضحا أن بلاده أصبحت “قريبة جدا من الانفصال عن الآخرين في مجال الطاقة”.

خلافات أميركية أوروبية

كان منتدى دافوس محطة لطرح مشاريع استثمارية وتبادل بين أقطاب رجال الأعمال والتجارة العالميين، لكنه اليوم صار يطرح قضايا متعددة، فيما تحضر القوى الكبرى لفرض أجندتها السياسية والاقتصادية، حيث شكل على مدى أيام أربعة ساحة لإبراز الخلافات، لا سيما بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إذ لوّح المفاوض التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر، في وقت سابق بفرض رسوم بنسبة 100 في المئة على منتجات فرنسية مثل الشامبانيا وحقائب اليد والجبن وسلع وخدمات أخرى، إذا ما مضت باريس قدما في تطبيق قرار بفرض رسوم على شركات التكنولوجيا الرقمية الأميركية، وهي التي قررت أن تفرض منذ الأول من كانون الثاني، رسما على شركات التكنولوجيا العملاقة تعادل 3 في المئة من رقم أعمالها في انتظار تبني قرار على الصعيد الدولي في هذا الشأن. علماً أن ترامب والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، “اتفقا على إعطاء فرصة” للمفاوضات من أجل التوصل إلى حل في إطار دولي وتجنب “حرب تجارية لا تعود بالفائدة على أحد”.

كانت انطلقت أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي في بلدة “دافوس” السويسرية في نسخته الـ50، تحت عنوان “من أجل عالم متماسك ومستدام” على وقع تقلبات اقتصادية، مرتبطة بتوقيع المرحلة الأولى من اتفاق التجارة الأميركي الصيني، وان كان غير مهائي واتفاق أوروبي على خروج آمن لبريطانيا من الاتحاد، إضافة إلى التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، خصوصا بين الولايات المتحدة وإيران، ومخاطر متزايدة للتغير المناخي. وهذه الملفات طغت على العنوان الرئيسي للمؤتمر، فجاء النقاش مغايراً لأهدافه الأصلية. علماً أن صندوق النقد الدولي خفض في آخر تقرير له توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في 2020 بنسبة 0.1 في المئة إلى 3.3 في المئة، كما خفض توقعات النمو في 2021 بنسبة 0.2 في المئة إلى 3.4 في المئة. وطغت مشاركة غريتا تونبرغ على الزعماء والمسؤولين في العالم، وهي التي وصلت إلى مقر المنتدى من دون استخدام وسائل مواصلات ملوثة للبيئة، لإلقاء رسالة بشأن مواجهة مواجهة التغير المناخي. وقد شهدت قرية دافوس احتجاجات ضد شركات عالمية أعضاء في المنتدى الاقتصادي العالمي، محملين إياها مسؤولية التغير المناخي.

شكل المنتدى الاقتصادي العالمي هذه السنة محطات خلافية، بدلاً من أن يكون فرصة لاطلاق مشاريع لنخبة رجال الأعمال، خصوصاً مع تقدم النشطاء الساعين إلى التصدي للمخاطر الداهمة التي تحدق بالعالم مع مطلع العقد الثالث للقرن الحادي والعشرين. وقد هيمن التغيّر المناخي على المناقشات بالرغم من أنه لم يكن المنتدى على مستوى التصدي لهذه القضية التي تثير قلقا دوليا، على رغم أن المشاركين كانوا يسعون إلى التصدي للقضايا العالمية بقائمة طويلة ومتنوعة. وكان واضحاً الخلاف على الأولويات، إذ أن ترامب المشكك في التغيّر المناخي، شددت تونبرغ على مدى “جنونية” مواصلة الاستثمار في الوقود الأحفوري في وقت تسلّط الكوارث الكبرى التي يشهدها العالم على غرار الحرائق في أوستراليا الضوء على التداعيات السلبية لارتفاع درجات الحرارة. حتى أن الوفد الأميركي دعاها مع الناشطين الى درس الاقتصاد قبل أن تتكلم عن قضايا لا تفهمها. علماً أن ملف التغير المناخي والنزاعات الدولية ظهر خلافياً بين القادة الأميركيين والأوروبيين. ففيما قادة الاتحاد الأوروبي يعتبرون التغيّر المناخي “تحديا وجوديا”، يعتبره ترامب “خدعة صينية”.
ظغى على المنتدى الاقتصادي العالمي بوضوح، برنامج عمل جديد، يختلف عما كان يناقشه في السابق، ففي تقريره الصادر مؤخرا يشير إلى مجموعة تحديات تواجه البشرية لا سيما انعدام الاستقرار الاقتصادي، والتغيّر المناخي، وانعدام المساواة في الوصول إلى الإنترنت والضغوط التي تواجهها أنظمة الرعاية الصحية. ويتطرق التقرير إلى الحرائق التي اجتاحت أوستراليا واستقطبت اهتماما دوليا، معتبرا أن “التغيّر المناخي يضرب في شكل أقوى وأسرع مما توقّع كثر”، وسط توقعات بارتفاع الحرارة ثلاث درجات على الأقل في نهاية القرن الحالي.
ويتناول التقرير أنظمة الرعاية الصحية، محذرا من أنها قد تكون غير قادرة على تحقيق أهدافها مع حلول الأمراض القلبية والعقلية محل الأمراض المعدية كأكبر مسبب للوفيات. كذلك يواجه العالم مخاطر تنامي انعدام الثقة باللقاحات، وتزايد مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية وغيرها من الأدوية.
وجاء في التقرير أن “العالم لا يمكنه أن ينتظر انجلاء الضبابية الجيوسياسية والجيو-اقتصادية”، مشيراً إلى أن “اتخاذ خيار اجتياز المرحلة الحالية على أمل عودة النظام العالمي ينطوي على مخاطر تفويت فرص هامة لمعالجة التحديات الضاغطة”.

الصين وأميركا يتجاوزان المنتدىبدا أن الحروب العالمية فرضت نفسها على منتدى دافوس، من خارج جدول الأعمال ووظيفة المنتدى الأصلية. فالصين والولايات المتحدة اللتان وقعتا هدنة تجارية أخيراً ظهر أن العداوة التكنولوجية بينهما لم تنته، ما يغذي شبح “حرب باردة” من نوع جديد تدور حول تكنولوجيا الجيل الخامس من شبكة الانترنت، والشرائح الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي وغيرها. وقد شهد المنتدى الاقتصادي العالمي نقاشا حول الحرب التكنولوجية بين البلدين جمع خبراء اطلقوا تحذيرات وقادة كبار حرصوا على تقديم تطمينات. فمؤسس شركة الاتصالات الصينية العملاقة “هواوي” رن تشينغ فاي راوغ عند الإجابة على اسئلة بهذا الخصوص قائلا “في العمق، إن العالم بصدد التوحد (تكنولوجيا)، كل شيء مترابط (…) عالم منقسم؟ لا أعتقد”.

وتعرضت شركة هواوي، رغم كونها الأبرز في مجال تكنولوجيا الجيل الخامس، إلى منع نشاطها في الولايات المتحدة، وقد أشارت هذه الأخيرة إلى مخاطر استخدام بكين للشركة في التجسس وشجعت حلفائها الأوروبيين على إقصاء شبكات المجموعة الصينية. لكن “هواوي” غزت الأسواق الصاعدة، وعلى رأسها البرازيل والهند. وقال الديبلوماسي الأميركي السابق ونائب رئيس شركة “إي إتش إس ماركيت” كارلوس باسكوال وفق ما أوردت وكالة فرانس برس إنه “توجد منافسة حول الهيمنة عالميا في المجال الرقمي”، مضيفا أن “هواوي تمثل رمزا، لكن المسألة تتجاوزها بكثير. وقد تفتح هذه الحرب وصراع النفوذ على المستوى العالمي الباب أمام “مواجهة صينية أميركية كبرى” في المجال الرقمي. علماً أن بكين كانت أقرت عام 2015 برنامجا طموحا باسم “صنع في الصين 2025” لتعزيز تكنولوجياتها، ويطبّق هذا البرنامج بالتوازي مع مخطط استثمار ضخم في البنى التحتية لبناء “طرق الحرير” من الصين إلى افريقيا. وقال الخبير في المعهد العالمي للدراسات الاستراتيجية جون شيبمان أنه “يمكن لذلك أن تتوجه دول نامية إلى الصين لبناء شبكات الاتصال ومحطات التقوية ومراكز المعطيات وأنظمة المعلوماتية الحكومية. في حين ان تمدد الشركات الصينية في آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية يدفع إلى توسع عمليات جمع “بيانات عريضة” صالحة لتطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الخاصة بها”.
وبينما لا تزال “مايكروسوفت” و”آبل” تعتمدان بشكل كبير على السوق الصينية الضخمة، تشير العقوبات المتصاعدة على طرفي المحيط الهادئ إلى “الستار الحديدي الاقتصادي” الذي أعرب وزير الخزانة الأميركي السابق هنري بولسن، منذ تشرين الثاني 2018، عن خشيته ازاء ظهوره.

انتقادات وتغيرات

حدث منتدى دافوس شكل ساحة لطرح انتقادات حادة، إذ أن الكثير من عناوينه الأصلية قد تغيرت مع الوقت، علماً أن العالم تغير كثيراً منذ عام 1971، ليس فقط في ملفات الحرب الباردة، غنما في التكنولوجيا والاخطار التي تهدد البشرية مع التغير المناخي وغيره. ففي العام الماضي مثلاً، استخدم المؤرخ الهولندي المعروف، روتجر بريغمان، منصة المنتدى لانتقاد الحاضرين فيه بشدة لعدم دفع نصيبهم العادل من الضرائب.

أما السؤال المطروح، هو هللا يزال منتدى دافوس نخبويا؟ فقد كان حضور دافوس يعد أمراً ضرورياً من أجل التطور والعمل الخير حتى لحظة الأزمة المالية العالمية في 2008.

بيد أن منتقدي المنتدى يرون أنه رمزا “للنخبة العالمية”، التي يتحمل بعضها مسؤولية هذه الأزمة.

وكان وصف رئيس تحرير مجلة “تايم” الأميركية، أناند غريدهارادس، دافوس بأنه أقرب إلى “لقاء لمّ شمل عائلي للأشخاص الذين تسببوا في إفلاس العالم الحديث”.

وتتباين درجات الحضور، إذ لا يتساوى الجميع في حضور النشاطات، بل يتحدد ذلك عبر هويات دخول بألوان مختلفة تحدد نوع الفعالية ومن سيجلس أو يقضي وقته مع من، من الحاضرين.

ويحصل معظم الضيوف رفيعي المستوى على شارة بيضاء عليها صورة ثلاثية البعد تتيح لهم الدخول إلى أي مكان. وفي أقصى الطرف الآخر من مقياس درجات الحضور ما يعرف بـ “شارة الفندق” التي تقصر حضورك على الفندق ولا يسمح لك بالدخول مطلقا إلى مركز المؤتمرات. ويهيمن الرجال على المنتدى، حتى بات مصطلح “رجل دافوس” لقباً يطلق على نمط من الرجال الأثرياء الذين اعتادوا حضور المنتدى.

بيد أن المنتدى الاقتصادي العالمي يقول إنه ببساطة يهتم بتجميع القادة للعمل من أجل الصالح العام.

ويقول مارتن وولف، كبير المعلقين الاقتصاديين في صحيفة “فايننشال تايمز”: “دائماً ما تكون النخب بعيدة عن الأنظار، هذه هي طبيعتها، لكنه من المستحيل أن يكون هناك عالم من دونها. ومن الضروري أيضاً أن يجتمع هؤلاء الأشخاص بانتظام لاكتشاف ما يفكر به كل واحد منهم ويتعرفون على أفكار بعضهم البعض.

في أساس دافوس

في العادة، تستخدم شركات عديدة هذا الحدث لتقديم تعهدات رئيسية بشأن قضايا مثل الاستدامة (عيش البشرية بطريقة مستدامة تحافظ على النظم الحيوية في كوكبنا باستخدام أمثل للموارد الطبيعية والطاقة النظيفة وتنظيم الاقتصاد والحياة الاجتماعية) أو لتحسين التنوع المجتمعي. لكن يبدو أن كل شيء بدأ يتغير حتى بالنسبة الى الرأسمالية نفسها، إذ يعتقد 56 % استطلاع رأي، أجرته شركة “إيدلمان” للاستشارات، أن الرأسمالية بشكلها الحالي، تضر العالم أكثر مما تنفعه، حيث يزداد الأغنياء ثراءً بينما يكافح بقية المجتمع.

وهذا التقرير هو من التقارير التي ألقت بظلالها على منتدى دافوس الاقتصادي، لاذي ناقش أيضاً قضايا مثل إصلاح الرأسمالية وتقليل فجوة الدخل ومعالجة الفقر.

وأوضح التقرير أن 78 % من المشاركين في المسح، الذي شمل مواطنين في 15 دولة، أكدوا أن نخب المجتمع تزداد ثرواتهم في الوقت الذي يعاني فيه الناس العاديون من أجل سداد تكاليف الحياة الأساسية. وقال التقرير، إن المشاركين اتسموا بالتشاؤم بشأن المستقبل، حيث يعتقد معظمهم أنهم وأسرهم لن يكونوا أفضل حالًا خلال السنوات الخمس المقبلة، وهو اتجاه بدا واضحًا في البلدان المتقدمة مثل اليابان وفرنسا وألمانيا وإيطاليا. ووفقًا لتقرير أصدرته منظمة “أوكسفام”، ودعا الحكومات إلى تبني “سياسات مقاومة لعدم المساواة”، فإن فئة الواحد في المئة الأغنى حول العالم تمتلك ثروة تعادل ضعفي ما تمتلكه بقية البشرية مجتمعة. وأشار إلى أن التفاوت الاقتصادي “خرج عن السيطرة”، حيث تضاعف عدد مليارديرات العالم خلال العقد الماضي، ويوجد الآن 2153 مليارديرًا يملكون ثروة تعادل ما يمتلكه 4.6 مليارات شخص (60% من السكان تقريبًا)، وفقًا لأحدث الإحصاءات عن عام 2019.

وبحسب وكالة “بلومبيرغ”، تضاعفت الثروة الإجمالية لأغنى 20 مليارديرًا في العالم، من 672 مليار دولار، إلى 1397 مليار دولار منذ عام 2012.

آفاق عالمية

تشهد آفاق التجارة والنمو الاقتصادي العالمي، وشركات التكنولوجيا، ومستقبل التعددية والنظام الجيوسياسي، تحديات متزايدة. أما الخلافات فبدأت تناقض ما تأسس عليه دافوس، حين عقد المنتدى اجتماعه الأول عام 1971، والذي تم إنشاؤه لتعزيز الفكرة التي طرحها كلاوس شواب بأن الأعمال يجب أن تخدم جميع أصحاب المصلحة (العملاء والموظفين والمجتمعات والمساهمين). وتم التأكيد مجددا على هذه الفكرة في “بيان دافوس” خلال عام 1973، وهي وثيقة تصيغ أعمال المنتدى منذ ذلك الحين. وقد هدف منتدى هذا العام وفق موقع دافوس، إلى إعطاء معنى ملموس لـ “رأسمالية أصحاب المصلحة”، ومساعدة الحكومات والمؤسسات الدولية في تتبع التقدم المحرز بشأن اتفاق باريس وأهداف التنمية المستدامة، وتيسير المناقشات حول التكنولوجيا وإدارة التجارة. لكن كلاوس شواب المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي كان واضحاً بقوله إن “الناس ثائرون ضد النخبة الاقتصادية التي يعتقدون أنها خذلتهم، وجهودنا الرامية إلى إبقاء ظاهرة الاحتباس الحراري تقتصر على 1.5 درجة مئوية تواجه تقصيرا خطيرا. ومع وجود العالم على مفترق طرق حاسم، يتعين علينا هذا العام تطوير بيان دافوس لعام 2020 لإعادة تصور الغرض وسجلات النتائج للشركات والحكومات. هذا ما أسس المنتدى الاقتصادي العالمي منذ 50 عاما، وهو ما نريد المساهمة فيه خلال الـ 50 عاما المقبلة”.

لكن هذا الأساس أخذ أبعاداً أخرى في المنتدى هذه السنة وطغت عليه أولويات مختلفة طبعتها الحروب القائمة، علماً أن أولويات برنامج اجتماعات المنتدى طرحت كيفية المحافظة على الكوكب، والمجتمع ومستقبل العمل، والتكنولوجيا من أجل الخير، والاقتصادات الأكثر حكمة، والأعمال الأفضل، ومستقبل الصحة، وما وراء الجغرافيا السياسية.