حمود: مشاريع استراتيجية للنقل باتت قيد التنفيذ

قال وزير النقل في سورية المهندس علي حمود، إن الوزارة بدأت العمل على إنشاء سكك حديدية تصل بين المحافظات السورية، وذلك ضمن خطة تهدف إلى تطوير هذا القطاع لكونه يمثل الشريان الرئيسي والعصب الحيوي في الحركة التجارية، لافتاً إلى أن قطاع النقل الجوي يشهد اهتماماً مماثلاً الأمر الذي أفرز جاهزية المطارات والأجواء السورية لاستقبال أية خطوط جوية ترغب بالعمل والذي أثمر عن تلقي طلبات عديدة من شركات طيران متنوعة.
وكشف حمود في حديث لمجلة البنك والمستثمر، عن تمكن وزارة النقل السورية من إدراج مشروع استراتيجي في ملفات التعاون مع الجانب الروسي الصديق يقضي بجعل سورية مركز توزيع إقليمي للقمح الروسي وما يستتبع ذلك من إنشاء مرافئ جديدة في الساحل السوري، مضيفاً بأن خطة الوزارة في استقطاب السفن السورية المملوكة من القطاع الخاص نجحت حتى الأن في إعادة تسجيل 6 سفن مملوكة لسوريين تحت العلم السوري.

كيف هو واقع النقل في سورية بعدما بدأت تدخل مرحلة التعافي وترميم آثار الإرهاب؟

لا شك في أن ما قام به الإرهابيون استهدف القطاعات كافة في سورية، ولكن القطاع الخدماتي، خصوصاً النقل، ناله من إجرامهم الشيء الكثير، حيث استهدفت قطاعات النقل البري والسككي بداية لدورها الحيوي والهام في الحركة التجارية ونقل البضائع ضمن البلاد، لكن ومع دحر الإرهاب على وقع أقدام بواسل الجيش العربي السوري، باشرت وزارة النقل تأهيل وترميم كل ما ناله التخريب والإجرام الإرهابيين، حيث باشرت تأهيل الطرق في كل المناطق المحررة، كما عملت على ترميم كل الأبنية التابعة لها في المناطق التي تم تحريرها لكونها مرافق تؤمن الخدمة للمواطن، ناهيك بما تم في مجالات النقل البحري من تطوير العمل والحصول على الشهادات الدولية والتدريبية واستقطاب السفن المملوكة للسورين للانضواء تحت العلم السوري مجدداً، إلى جانب النقل الجوي، والذي بات أفضل حالاً من ذي قبل تبعاً لمباشرة دول عديدة وشركات متنوعة في مد جسور التواصل مع قطاع النقل السوري، مع الأخذ بالاعتبار دور الترويج الذي قامت به الوزارة في المحافل العالمية لهذا القطاع. وبشكل عام يمكن القول، أن قطاع النقل بدأ ينهض مجدداً ويطور نفسه ضمن الإمكانيات المتاحة حتى يكون على مستوى النهضة الاقتصادية الجديدة لسورية ما بعد الحرب.

لتكن البداية بالنقل الجوي: ما هو تقييمكم لواقع الأسطول ووضع الطائرات السورية؟

من المؤكد أن العقوبات القسرية أحادية الجانب التي تم تطبيقها على الشعب السوري إلى جانب الحظر التقني المفروض على البلاد أثّر بشكل كبير على وضع الأسطول، ولكن ومع ذلك لم نتوقف عند هذا الواقع ونعلن عجزنا، بل عملنا من خلال تطوير ألية عملنا على تحقيق الأرباح في هذا القطاع لمرحلة بات بمقدورنا معها أن نشتري القطع التبديلية نقداً بعد ما كنا نشتريها عبر الخطوط الائتمانية والطرق المعتادة في مثل هذا النوع من المشتريات. وعليه، يمكن القول، إن وضع طائراتنا جيد وضمن القدرات التشغيلية ومستويات الأمان المنصوص عليها دولياً. وفي هذا السياق وتبعاً لما نقوم به من ترويج لسورية ونقل لصورتها الحقيقية والتي كان أخرها في جنيف حين أعلنا جاهزية الأجواء والمطارات السورية لاستقبال الطائرات، فقد أبدت الكثير من شركات الطيران رغبتها بالعودة إلى سورية وعبر أجوائها وقد أبدينا بالمقابل تجاوباً كبيراً معها. أما على المستوى العربي، فقد تلقينا مبادرات عديدة توجت بمباشرة شركة فلاي بغداد الوطنية العراقية الخاصة في تسيير رحلاتها من العراق إلى سورية.

ماذا عن المطارات التي لا يستقيم الأمر من دونها؟

عملت وزارة النقل على المستوى الاستراتيجي في مسألة المطارات السورية وتطويرها وتوسعتها، ولكن وبالنظر إلى مقدار الموارد المتاحة حالياً وحجم الإنفاق الهائل الذي تنهض به الخزينة العامة للدولة من تأمين متطلبات الدفاع عن التراب السوري وتأمين مستلزمات الحياة المعيشية للمواطن ومستلزماته الأساسية من غذاء ودواء وسواها، فقد اعتبر هذا المشروع استراتيجياً للمرحلة المقبلة، وعملت الوزارة على وضع التصورات الممكنة لتطوير المطارات القائمة حالياً حتى تكون الدراسات والخطط جاهزة حال تحقق الانفراج الاقتصادي، مع الأخذ بالاعتبار عمل وزارة النقل مع الأصدقاء لتطوير واقع هذه المطارات، سواء بالعمل على إنشاء مطارات جديدة -إن أمكن ذلك- أو عبر توسعة المطارات القائمة حالياً، وعليه يمكن القول، أنه تحقق الجزء الأكبر من ذلك منوطاً بالانفراج الاقتصادي حتى تكون الموارد أفضل، وتحقق المطارات المنشودة الجدوى الاقتصادية منها.

للسكك الحديد دور الشريان الحيوي في الحركة التجارية … ما هو تصوركم لهذا القطاع في الفترة الحالية؟

هو ليس تصوراً بل تنفيذاً، وقد وضعنا سلم الأولويات وباشرنا بتنفيذه تبعاً لضخامة المساحات التي حررها جيشنا البطل، ما يتيح المجال لمباشرة السكك الحديدية عملها في مناطق لم يكن العمل فيها ممكناً سابقاً لتواجد الإرهاب فيها، ولعل أبرزها ما نعمل عليه من إنجاز 400 كيلومتر من السكة الحديدية بين دمشق وحلب بتكلفة تصل إلى نحو 16 مليار ليرة سورية، وبالفعل فقد أتممنا مقطعين اثنين بطول يبلغ 100 كيلومتر ( أحدهما 60 كيلومتر والأخر بطول 40 كيلومتر )، والمرحلة الثانية منه هي المسافة الواصلة بين حمص ودمشق، وعلى المنوال ذاته نسجنا حين أصلحنا السكة الحديدية من حمص إلى مناجم الفوسفات بزمن قياسي لم يتجاوز 70 يوماً والتي يبلغ طولها 186 كيلومتر، ويمكن اعتبار هذه المشاريع والأعمال المنفذة تتمة لما نُفّذ خلال العام المنصرم 2018 من مشاريع مجدية اقتصادياً، والتي يعتبر أكثرها تميزاً وصلة شنشار (محافظة حمص) وصولاً إلى صوامع الحبوب، ورغم أن طولها لا يتجاوز 1.5 كيلو متر إلا أنها ذات جدوى اقتصادية ضخمة، حيث تكلفت الوزارة لتنفيذها 337 مليون ليرة سورية، ولكنها حققت إيرادات صافية للخزينة العامة بمقدار 2,3 مليار ليرة سورية، بالتوازي مع مشروع نقل الإحضارات سككياً من حسياء في محافظة حمص إلى باقي المحافظات السورية، والذي يستلزم خطاً بطول 18 كيلومتر بتكلفة لا تقل عن 16 مليار ليرة سورية ولكن مردود هذه التكلفة سيكون 33 مليار ليرة سنوياً، بمعنى أن الأشهر الستة الأولى من تشغيل هذا الخط ستضمن استعادة ما أُنفق على المشروع بشكل كامل.

ما هي خطتكم للنهوض بقطاع النقل البحري في ظل العقوبات التي طالت سفنه؟

بداية الإذية التي طالت هذا القطاع كانت من العقوبات أحادية الجانب التي فرضت على الشعب السوري، حيث منعت السفن المملوكة للقطاع العام من العمل فتوقفت ليكون السبيل الوحيد النهوض بهذا القطاع هو استقطاب السفن المملوكة للقطاع الخاص، وضمها إلى الأسطول الوطني من خلال تسجيلها مجدداً تحت العلم السوري للوصول إلى دول أخرى، وبعد نقاشات واجتماعات ماراثونية واقتراحات عديدة تقدمت بها الوزارة وأصحاب السفن، تم تلبية بعض الطروحات الموضوعية وبعضها الأخر تم التوصل بشأنه إلى صيغ منطقية ترضي الطرفين. وقد بلغ عدد السفن المسجلة مجدداً تحت العلم السوري 6 سفن، بالتوازي مع الاهتمام بمسألة التدريب والتأهيل البحري، وبالنظر إلى عدم إمكانية منح الطاب المتدربين الشهادات المطلوبة للعمل البحري، فقد وجدت الوزارة حلاً منطقياً من خلال التسجيل على اللائحة البيضاء للمنظمة البحرية الدولية، الأمر الذي مكننا من إحداث الأكاديمية البحرية للتدريب والتأهيل البحري والتي تتولى منح كل أنواع الشهادات ناهيك عن توفيرها تكاليف التدريب في الدول الأخرى، حيث لا تتعدى تكلفة التدريب فيها 10 % قياساً بما يتكبده الطالب البحري من نفقات في الدول التي يقصدها للتدريب.

هل يكتمل ذلك من دون تطوير المرافئ والنهوض بها؟

تماماً، وضمن ذات الإطار الرامي إلى تطوير قطاع النقل البحري الذي لا يكتمل بدون تطوير المرافئ السورية، فقد أدرجنا ضمن ملفات التعاون مع الجانب الروسي الصديق مشروعاً مهماً يقضي بجعل سورية مركز توزيع إقليمي للقمح الروسي، وما يستتبعه ذلك من إنشاء مرافئ جديدة قادرة على استيعاب كميات القمح المتوقعة، وبالفعل فهذا المشروع بات قيد الدراسة من الأصدقاء الروس حالياً، ولكن وبشكل عام فإن وزارة النقل السوري ترحب بأي مستثمر سوري يملك من عمله في دول أخرى الخبرة التي تؤهله للتقدم إلى مشروع إنشاء مرفأ، بالنظر إلى أن هذا النوع من الأعمال لم يمارسه أحد في سورية مسبقاً، ولا يمكن الشروع في مشروع عملاق كمشروع مرفأ دون الخبرة اللازمة، ناهيك بأن تطوير القطاع بالأيدي السورية مبدأ ذو أولوية بالنسبة لنا، كما هو بالنسبة لكل القطاعات في سورية.